للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٩٧ - (خ) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «انْطَلَقَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينةِ بعدما تَرجَّلَ وادَّهنَ (١) ولبسَ إزارَهُ ورِداءهُ ⦗٤٧٦⦘ هُوَ وأَصحابُهُ، فلم ينه عن شيء من الأَرديةِ والأُزُرِ تُلبَسُ، إلَاّ المُزَعفَرَة (٢) التي تُرْدَعُ (٣) على الجلد. فَأصبَحَ بذي الحُلَيفَةِ، وركب راحلَتَهُ حتَّى استوى على البيداءِ أَهلَّ هو وأَصْحابهُ، وقَلَّدَ بُدْنهُ، وذلك لِخَمْسٍ بقينَ من ذي القَعْدة (٤) فقدمَ مكةَ لأربعٍ خَلَون من ذي الحجَّةِ، وطافَ بالبيت، وسعى بين الصَّفَا والمروةِ، ولم يَحِلَّ من أجل بُدْنِهِ، لأنَّهُ قَلَّدها، ثم نزَلَ بأعلى مكةَ عند الحَجون (٥) ، وهو مُهِلٌّ، ولم يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بعد طوافِهِ بها حتى ⦗٤٧٧⦘ رَجَعَ من عَرفةَ، وأمرَ أَصحابَهُ أن يَطوفوا بالبيت، وبين الصَّفا والمروة، ثم يُقَصِّرُوا رؤوسهُمْ ثم يَحِلُّوا (٦) ، وذلك لَمِنْ لَم يكن مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَها، ومَن كانت مَعهُ امْرَأته فهي لَهُ حَلالٌ والطِّيبُ والثيابُ» . أخرجه البخاري (٧) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(تَرَجَّل) : الترجيل: تسريح الشعر.

(ترْدع) : ثوب رديع، أي صبيغ، وقد رَدَعْته بالزعفران، والمراد: الذي يؤثر صبغه في الجسد، فيصبغه من لونه.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج، وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته، وأجمعوا أن الطيب لا يجوز استعماله في بدنه، ففرقوا بين الطيب والزيت في هذا: فقياس كون المحرم ممنوعاً من استعمال الطيب في رأسه: أن يباح له استعمال الزيت في رأسه. وقد تقدمت الإشارة إلى الخلاف في ذلك قبل.
(٢) قال الزركشي: " إلا المزعفرة " بالنصب على الاستثناء، وبالجر على البدلية.
(٣) أي تلطخ. قال الحافظ في " الفتح ": يقال: ردع: إذا التطخ، والردع: أثر الطيب إذا لزق بجلده، قال ابن بطال: وقد روي بالمعجمة من قولهم: أردغت الأرض: إذا كثرت مناقع المياه فيها، والردغ بالغين المعجمة: الطين. اهـ. ولم أر في شيء من الطرق ضبط هذه اللفظة بالغين المعجمة، ولا تعرض لها عياض، ولا ابن قرقول، والله أعلم. ووقع في الأصل: تردع على الجلد. قال ابن الجوزي: الصواب حذف على كذا قال، وإثباتها موجه أيضاً.
(٤) قوله: " لخمس بقين من ذي القعدة "، فيه حجة لأحد قولي اللغويين: أنه لا حاجة إلى الاستثناء، بناء على تمام الشهر غالباً، وقيل: لابد أن يقول: إن بقين، لاحتمال نقص الشهر. اهـ.
قال الحافظ في " الفتح ": احتج به ابن حزم في كتاب " حجة الوداع " له على أن خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة كان يوم الخميس، قال: لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس بلا شك؛ لأن الوقفة كانت يوم الجمعة بلا خلاف، وظاهر قول ابن عباس: " لخمس " يقتضي أن يكون خروجه من المدينة يوم الجمعة بناء على ترك عد يوم الخروج، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة أربعاً كما سيأتي قريباً من حديث أنس، فتبين أنه لم يكن يوم الجمعة، فتعين أنه يوم الخميس. وتعقبه ابن القيم في " زاد المعاد "، بأن المتعين: أن يكون يوم السبت، بناء على عد يوم الخروج، أو على ترك عده، ويكون ذو القعدة تسعاً وعشرين يوماً. اهـ.

(٥) " الحجون " بحاء مهملة مفتوحة بعدها جيم مضمومة: جبل بأعلى مكة، وبجواره المعلى مقبرة أهل مكة.
(٦) في المطبوع: ثم يجلسوا، وهو تحريف.
(٧) ٣ / ٣٢٣ في الحج، باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر، وباب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة، وباب تقصير المتمتع بعد العمرة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري ٢/١٨٩، ١٦٩، ٢١٤، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدثنا فضيل بن سليمان، قال: حدثني موسى بن عقبة، قال: أخبرني كريب، فذكره.
رواية البخاري في ٢/١٨٩ مختصرة علي: «قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة، فطاف، وسعى بين الصفا والمروة، ولم يقرب الكعبة بعد طوافة بها، حتى رجع من عرفة» .
وروايته ٢/٢١٤ مختصرة على: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم يحلوا، ويحلقوا، أو يقصروا.» .

<<  <  ج: ص:  >  >>