للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - (خ م د س) أبو هريرة وأبو ذر - رضي الله عنهما -: قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بازرًا للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: «أن تُؤمن بالله، وملائكته، وكتابه (١) ، ولقائه، ورُسُلِهِ، وتؤمنَ بالبعث الآخر» قال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تعبُدَ الله، لا تُشْركُ به شيئًا، وتُقيمَ الصلاةَ المكتوبة، وتؤدي الزّكاة المفروضة، وتصوم رمضان» . قال: يا رسول الله ما الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإنك إن لم تره (٢) فإنَّه يراك» . قال: يا رسولَ الله، مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلَمَ من السَّائل، ولكن سأُحَدِّثُكَ عَنْ أشْراطها: إذا ولَدت الأمةُ ربَّتها (٣) ، فذاك من أشراطها، وإذا كانت العُرَاةُ الحفاةُ رُؤوسَ النَّاسِ، فذاك من أشراطها، وإذا تَطَاوَل رِعَاءُ ⦗٢١٤⦘ البَهُم في البينان، فذاك من أشراطها، في خَمْسٍ لا يعلَمُهنَّ إلا الله، ثم تلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله عنده عِلْمُ الساعةِ، ويُنزِّل الغيثَ، ويَعْلَمُ ما في الأرحام} - إلى قوله: {إنَّ الله عليمٌ خبيرٌ} (لقمان: الآية ٣٤) . قال: ثم أدْبَرَ الرجلُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رُدُّوا عليّ الرَّجُلَ» ، فأخذُوا لِيَرُدُّوه، فلم يَروْا شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا جبريلُ جاء ليُعَلِّم النَّاس دينَهمْ» .

وفي رواية قال: «إذا ولدتِ الأمة بعْلَها» يعني السَّرَارِي.

وفي أخرى نحوُه: وفي أوّلِه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَلوني» فهابُوهُ أن يسألوهُ، فجاء رجلٌ، فجلس عند رُكْبَتَيْهِ، فقال: يا رسول الله، ما الإسلام - وذكَرَ نحوَهُ- وزاد: أنّه قال له في آخر كل سؤال منها: صدقت - وقال في الإحسان: «أن تخشى الله كأنك تراه» . وقال فيها: «وإذا رأيتَ الْحُفاةَ الْعُراةَ الصُّمّ الْبُكْم ملوكَ الأرض، فذاك من أشراطها» - وفي آخرها - «هذا جبريل أراد أن تَعَلَّموا، إذ لم تَسألوا» . هذا لفظ البخاري ومسلم عن أبي هريرة وحده.

وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة وأبي ذرٍّ، بمثل حديثٍ قَبْلَه، وهو حديث يحيى ابن يَعمَر، وهذا لفظُهُ:

قال أبو هريرة وأبو ذر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس بين ظَهْرَانَي أصْحابه، فيجيءُ الغريب، فلا يدري: أيُّهم هو حتى يسألَ، فطلبْنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجعلَ له مجلسًا، يعرفُه الغريبُ إذا أتاه، قال: فبَنينا له ⦗٢١٥⦘ دُكَّانًا من طين يجلس عليه، وكُنا نجلس بجنبَتِهِ - وذكرَ نحو حديث يحيى بن يَعْمَر - فأقبل رجلٌ، وذكرَ هيْأتهُ، حتى سلَّم من طرف السِّماط (٤) ، فقال: السلام عليك يا محمدُ، فرَدَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأخرجه النسائي عن أبي هريرة وأبي ذر بمثل حديث أبي داود، إلى قوله: من طين كان يجلس عليه، ثم قال: وإنَّا لجُلوسٌ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ أقبل رجلٌ أحسنُ الناس وجهًا، وأطيبُ الناس ريحًا، كأن ثيابَه لم يمسَّها دَنَس، حتى سلَّمَ من طرف السِّماط، قال: السلام عليك يا محمَّدُ، فردَّ عليه السلامَ، قال: أدْنُو يا محمَّد؟ قال: «أُدْنهْ» . قال: فما زال يقول: أدنُو مرارًا، ويقول: «أُدْنُهْ» حتى وضع يَدَهُ على ركبَتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال: يا محمد، أخبرني ما الإسلام، قال: «الإسلام أن تعبد الله لا تُشركَ به شيئًا، وتُقيمَ الصلاةَ، وتؤتيَ الزكاةَ، وتحجَّ البيتَ، وتصومَ رمضان» . قال: وإذا فعلتُ ذلك، فقد أسلمتُ؟ قال: «نَعَمْ» . قال: صدقتَ، فلما سَمِعْنَا قَولَ الرَّجُل: صَدَقْتَ، أنكَرْنَاهُ. قال: يا محمّدُ، أخبِرني عن الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله (٥) والملائكة، والكتاب، والنبيين، وتؤمن بالقدَرِ» قال: «فإذا فعلت ذلك، فقد آمنتُ؟» قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَعم» قال: صدقت، قال: يا محمَّدُ، أخبرني: ما الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه ⦗٢١٦⦘ يراك» . [قال: صدقت] (٦) ، قال: يا محمَّدُ، أخبرني: متى الساعةُ؟ قال: فَنكَّس، فلم يجبه شيئًا، ثم عاد، فلم يجبه شيئًا، ثم رفع رأسهُ، قال: «ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل، ولكن لها علاماتٌ تُعرَفُ بها: إذا رأيتَ رِعاءَ البَهْم يتطاوَلونَ في البُنيان، ورأيتَ الْحُفاةَ العُراةَ ملوك الأرض، ورأيتَ الأمةَ (٧) تلدُ ربَّها، في خمسٍ لا يعلمُها إلا الله، {إنّ الله عندهُ علمُ الساعة} - ثم تلا إلى قوله -: {إنَّ الله عليم خبيرٌ} (لقمان: الآية ٣٤) ، قال: لا والذي بعثَ محمدًا بالحقِّ هاديًا وبشيرًا، ما كنْتُ بأعلمَ به من رجل منكم، وإنه لجبريل نزل في صورة دِحيةَ الكَلْبيّ» (٨) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

البَهم: جمع بَهْمة، وهي صغار الغنم.

أشراطها: الأشراط: جمع شَرَط، وهو العلامة.

رؤوس الناس: أراد: مُقَدَّميهم، وسادَتَهُم.

الصُّمُّ: جمع أصم، وهو الذي لا يسمع شيئًا.

البُّكم: جمع أبكم، وهو الذي خُلق أخرس، لا يتكلم. ⦗٢١٧⦘

ظَهراني: يقال: أقام فلانٌ بين أظهر قومه، وظَهرانَي قومه: أي أقام بينهم، والأظهرُ: جمع ظهرٍ، وفائدةُ إدخاله في الكلام: أنَّ إقامتهُ بينهم على سبيل الاستظهار بهم، والاستناد إليهم.

وأما ظهرانيهم: فقد زيدت فيه الألف والنون على ظهر، عند التثنية للتأكيد، وكأنَّ معنى التثنية: أنَّ ظهرًا منهم قُدَّامَهُ، وآخرَ وراءَهُ، فكأنَهُ مكنوف من جانبيه، هذا أصله، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم، وإن لم يكن مكنوفًا بينهم.

دكانًا: الدكَّان: الدكة المبنية للجلوس عليها.

السماط: السماطان من الناس والنخل: الجانبان، يقال: مشى بين السماطين، والمراد بالسماط: الجماعةُ من الناس الجلوسُ عنده.

دَنَس: الدنس: الوسخ، وقد دَنِس الثَّوْبُ إذا توسخ.

أُدْنُهُ: أمرٌ بالدنو، وهو القرب، والهاء فيه هاء السكت، جيءَ بها لبيان الحركة.


(١) في نسخة: وكتبه.
(٢) في " صحيح مسلم ": إن لا تراه.
(٣) في " صحيح مسلم ": ربها.
(٤) في " سنن النسائي ": في طرف البساط.
(٥) في " سنن النسائي ": قال الإيمان بالله.
(٦) زيادة من " سنن النسائي ".
(٧) في " سنن النسائي "؛ المرأة.
(٨) البخاري في " الإيمان " باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ١/١٠٦، ١١٥، مسلم فيه: باب الإسلام والإيمان والإحسان رقم (٩ و ١٠) ، وأبو داود في السنة - باب في القدر رقم (٤٦٩٨) ، والنسائي في الإيمان - باب صفة الإيمان والإسلام ٨/١٠١.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواه أبو زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (٢/٤٢٦) ، قال: حدثنا إسماعيل، والبخاري (١/١٩) ، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، وفي (٦/١٤٤) ، قال: ثني إسحاق عن جرير، ومسلم (١/٣٠) ، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب معًا عن ابن علية، قال زهير: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم.
(ح) وثنا ابن نمير، ثنا محمد بن بشر، وابن ماجة (٦٤، ٤٠٤٤) قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وابن خزيمة [٢٢٤٤] قال: ثنا يعقوب الدورقي ثنا ابن علية.
(ح) وثنا يوسف بن موس، قال: ثنا جرير.
(ح) وثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أسامة.
(ح) وثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي، قال: أخبرنا محمد بن بشر.
* أربعتهم عن أبي حيان التيمي، وتابعه عمارة عند مسلم (١/٣٠) كلاهما عن أبي زرعة.
- وحديث أبي ذر:
عند البخاري في خلق أفعال العباد (٢٥) ، وأبو داود [٤٦٩٨] ، والنسائي (٨/١٠١) ، من طريق جرير، عن أبي فروة الهمداني، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير.
قلت: حديث أبي هريرة أقوى ما ورد في الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>