للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٨٢٢ - (خ د س) عمرو بن سلمة - رضي الله عنه -: قال: «كُنَّا بماءٍ ممرَّ الناس (١) ، يمرُّ بنا الرُّكبَانُ نسألُهم:: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرَّجل؟ فيقولون: يَزْعُم أنَّ الله أرسلَهُ، أوحى إليه كذا، فكنتُ أحفظُ ذلك الكلامَ، فكأَنما يُغْرَى في صدري، وكانت العربُ تُلَوِّم بإسلامهم الفتحَ، فيقولون: اتركوه وقومَه، فإنه إنْ ظهرَ عليهم فهو نبيّ صادق، فلما كانت وقعةُ الفتح بَادَرَ كُلُّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قَدِمَ قال: جئتُكم والله من عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- حقّاً. فقال: صلوا صلاةَ كذا في حينِ كذا، وصلاةَ كذا في حينِ كذا، فإذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّنْ أحدُكم وليؤمَّكم أكثرُكم ⦗٥٧٩⦘ قرآناً، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثرَ قرآناً مني، لما كنتُ أتلَّقى من الرُّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابنُ ست، أو سبع سنين، وكانت عليَّ بُرْدة، كنتُ إذا سجدتُ تَقَلَّصتْ عنّي، فقالت امرأة من الحيِّ: ألا تغطُّوا عنا استَ قارئكم؟ فاشْتَرَوْا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحتُ بشيء فرحي بذلك القميص» . هذه رواية البخاري، وفي رواية أبي داود قال: «كُنَّا بحاضرِ يمرُّ بنا الناسُ إذا أتوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، فكانوا إذا رجعوا مَرُّوا بنا فأخبرونا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال كذا، وقال كذا، وكنتُ غلاماً حافظاً، فحفظتُ من ذلك قرآناً كثيراً، فانطلق أبي وافداً إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في نفر من قومه، فعلَّمهم الصلاة، وقال: يؤمُّكم أقرؤكم، وكنت أقرأهم لما كنتُ أحفظُ، فقدَّمُوني، فكنتُ أؤمُّهم وعليَّ بُردة صغيرة، فكنتُ إذا سجدتُ انكشفتْ عنِّي، فقالت امرأة من النساء: وارُوا عنا عَوْرَةَ قارئكم، فاشتَرَوْا لي قميصاً عُمَانياً، فما فرحتُ بشيء بعدَ الإسلام فرحي به، فكنتُ أؤمُّهم وأنا ابنُ سبع سنين، أو ثمان سنين» .

وفي أخرى له: «قال فكنت أؤمُّهم في بردة مُوَصَّلة فيها فَتْق، فكنتُ إذا سجدتُ خرجتْ استي» . وفي أخرى له: «أنهم وفدوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلما أرادوا أن ينصرفوا، قالوا: يا رسولَ الله، من يؤُمُّنا؟ فقال: أَكثرُكم جمعاً للقرآن، أو أخذاً للقرآن، فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعتُ، قال: فقدَّموني، وأنا غلام، وعليَّ شَمْلة لي، قال: فما شهدتُ مجمَعاً من ⦗٥٨٠⦘ جَرْم (٢) إلا كنتُ إمامَهم وكنت أُصلِّي على جنائزهم إلى يومي هذا» .

وفي رواية النسائي مختصراً قال: لما كانت وَقْعَةُ الفتح بادَرَ كلُّ قوم بإسلامهم، فذهب أَبي بإسلام أهل جُواثَا (٣) ، فلما قَدِمَ استقبلناه، فقال: جئتكم والله من عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: صلوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصلاةَ كذا في حين كذا، فإذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّنْ [لكم] أحدُكم، وليؤمَّكم أكثرُكم قرآناً. وأخرج منه طرفاً آخر، فقال: «لما رجع قومي من عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، قال: ليؤمَّكم أكثركم قراءة للقرآن، قال: فدَعوني فعلَّموني الركوعَ والسجودَ، فكنتُ أُصلي بهم، وكانت عليَّ بردة مفتوقة، فكانوا يقولون لأبي: ألا تغطِّي عنا استَ ابنَك؟» وله في أخرى قال: «كان يمرُّ علينا الرُّكبان فنتعلَّمُ منهم القرآن، فأتى أبي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ليؤمَّكم أكثرُكم قرآناً، فكنتُ أكثرَهم قرآناً، فكنتُ أَؤُمُّهم وأنا ابنُ ثمان سنين» (٤) . ⦗٥٨١⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يُغْرَى) يقال: غَرِيَ هذا الحديث في صدري: إذا التصق به، كأنه أُلصق بالغِراء.

(تُلَوِّم) : التَّلَوُّم: المكث والانتظار.

(بحاضر) الحاضر: القوم النزول على ما يقيمون به، ولا يرحلون عنه، وهو فاعل بمعنى: مفعول، حاضر بمعنى محضور.

(تَقَلَّصَتْ) تقلص الثوب عن الإنسان: إذا قصر وارتفع إلى فوق.

(شَملَة) الشملة: كساء يشتمل به: أي يُتغطى.


(١) في بعض النسخ: بما ممر الناس، أي بموضع.
(٢) بجيم مفتوحة وراء ساكنة، وهم قومه.
(٣) بالقصر والمد، وهو علم مرتجل، حصن لعبد القيس بالبحرين، فتحه العلاء بن الحضرمي في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة (١٢) عنوة، قالوا: وجواثا أول موضع جمعت فيه الجمعة بعد المدينة، قال عياض: وبالبحرين أيضاً موضع يقال له: قصر جواثا.
(٤) رواه البخاري ٨ / ١٨ في المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وأبو داود رقم (٥٨٥) و (٥٨٦) و (٥٨٧) في الصلاة، باب من أحق بالإمامة، والنسائي ٢ / ٩ و ١٠ في الأذان، باب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، وفي القبلة، باب الصلاة في الإزار، وفي الإمامة، باب إمامة الغلام قبل أن يحتلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>