للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولقد صدقا فيما قالا، وبرَّا فيما زعماً (١) ، ولذلك رزقهما الله من حسن القبول في شرق الأرض وغربها، وبرها وبحرها، والتصديق لقولهما، والانقياد لسماع كتابيهما، ما هو ظاهر مستغن عن البيان، وما ذلك إلا لصدق النية، وخلوص الطوية، وصحة ما أودعا كتابيهما من الأحاديث.

ثم ازداد انتشار هذا النوع من التصنيف والجمع والتأليف، وكثر في أيدي المسلمين وبلادهم، وتفرقت أغراض الناس، وتنوعت مقاصدهم، إلى أن انقرض ذلك العصر الذي كانا فيه حميدًا (٢) عن جماعة من الأئمة والعلماء قد جمعوا وألفوا: مثل أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي - رحمهم الله جميعاً - وغيرهم من

العلماء الذين لا يحصون كثرة. وكأن ذلك العصر كان خلاصة العصور في تحصيل هذا العلم، وإليه المنتهى.

ثم من بعده نقص ذلك الطلب بعد، وقل ذلك الحرص، وفترت تلك الهمم، وكذلك كلُّ نوع من أنواع العلوم والصنائع والدول وغيرها (٣) فإنه يبتدئ قليلاً قليلاً، ولا يزال ينمى ويزيد، ويعظم إلى أن يصل


(١) الزعم هنا بمعنى الظن الراجح.
(٢) في المطبوع: ذلك العصر الحميد.
(٣) في المطبوع: وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>