للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٨ - (خ م) حذيفة، وأبو مسعود البدري، وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم - قال رِبْعِيّ بنِ خِرَاش: قال حُذيفة: أتى اللهُ عز وجل بعبدٍ من عِبَادِهِ آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عملتَ في الدنيا؟ قال: {ولا يكتمون الله حديثًا} [النساء: الآية ٤١] . قال: يارب، آتَيْتَني مالاً، فكُنتُ أبايعُ النَّاسَ، وكان من خُلٍُقي الجوَازُ، فكنْتُ أتَيَسَّرُ على الموسِر، وأُنْظِرُ المُعْسِرَ، فقال الله عز وجل: أنا أحَقُّ به منك، تَجاوَزُوا عن عَبْدي، فقال عقبةُ (١) بن عامر الجهني، وأبو مسعود الأنصاري - رضي الله عنهما - هكذا سمعناه من فيّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أخرجه مسلم موقوفًا على حذيفة، ومرفوعًا على عُقبة بن عامر الجُهَنِيّ، وأبي مسعود الأنصاري. ⦗٤٣٨⦘

وقد أخرج البخاريّ ومسلم عن حذيفة مرفوعًا، في جملة حديث يتضمن ذكر الدَّجال - وسيجيء في موضعه - هذا المعنى، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ رجلاً ممن كان قبلكم، أتاه الملَكُ، لِيَقْبِضَ رُوحَهُ. فقال: هل عملتَ من خير؟ قال: ما أعلمُ، قيل له: انظُر، قال: ما أعلم شيئًا غيرَ أني كنتُ أبايعُ النَّاسَ في الدُّنيا، فأُنْظِرُ الموسِرَ، وأتجَاوَزُ عن المعْسِرِ، فأدخله الجنة» .

فقال أبو مسعود: وأنا سمعته يقول ذلك.

وأخرج مسلم عن أبي مسعود قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيءٌ، إلا أنه كان يُخالِطُ الناسَ، وكان موسِرًا، فكان يأمُرُ غِلْمَانَه أن يتجاوزا عن المُعْسِرِ، قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه» .

وفي رواية لمسلم عن حذيفة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَلَقَّتِ الملائكة رُوحَ رجلٍ ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملتَ من الخير شيئًا؟ قال: لا. قالوا: تذَكَّر. قال: كنتُ أدايِنُ الناسَ، فآمُرُ فِتيانِي أن يُنْظِرُوا المعْسِرَ، ويَتَجَوَّزُوا عن الموسِرِ، قال: قال الله تعالى: تجاوزوا عنه» .

وله في أخرى قال: اجتمع حُذيفةُ وأبو مسعود، فقال حُذيفة رجلٌ لقي رَبَّهُ، فقال: ما عَمِلْتَ؟ قال: ما عملتُ من الخير، إلا أني كنتُ رجلاً ذا مالٍ، فكنتُ أطالبُ به النَّاسَ، فكنتُ أقْبَلُ الْمَيْسُورَ، وأتجاوَزُ ⦗٤٣٩⦘ عن المعسور، قال: تجاوزوا عن عبدي.

قال أبو مسعود: هكذا سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول.

وله في أخرى، عن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنَّ رجلاً ماتَ، فَدَخل الجنَّةَ، فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال: - فإمَّا ذَكَر، وإمَّا ذُكِّرَ - فقال: إني كنتُ أبايِعُ النَّاسَ، فكنت أُنظِر المعسر، وأتَجَوَّزُ في السِّكَّةِ، أو في النقد، فغُفِرَ له.

فقال أبو مسعود: وأنا سمعتُه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

الجواز: في الشيء: المساهلة والتجاوز فيه.

أتيسر: أي: أتسهل، وهي أتفعل، من اليُسر، ضد العُسر.

وأنظر: الإنظار: الإمهال والتأخير.


(١) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ " فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود " قال الحفاظ: هذا الحديث إنما هو محفوظ لأبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري وحده، وليس لعقبة بن عامر فيه رواية، قال الدارقطني: والوهم في هذا الإسناد من أبي خالد الأحمر، قال: وصوابه " فقال عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري " كذا رواه أصحاب أبي مالك سعد بن طارق، وتابعه نعيم ابن أبي هند، وعبد الملك بن نعيم ومنصور وغيرهم، عن ربعي عن حذيفة فقالوا في آخر الحديث: " فقال عقبة بن عمرو: أبو مسعود " وقد ذكر مسلم في هذا الباب حديث منصور ونعيم وعبد الملك والله أعلم.
(٢) البخاري ٧/٣٠٥ و ٣٠٦ في الأنبياء، باب ذكر بني إسرائيل، و ٤/٣٩١ في البيوع، باب من أنظر موسراً، وفي الاستقراض، باب حسن التقاضي، وأخرجه مسلم رقم (١٥٦٠) في المساقاة، باب فضل إنظار المعسر.
قال النووي: وفي هذه الأحاديث: فضل إنظار المعسر، والوضع عنه، إما كل الدين، وإما بعضه، من كثير أو قليل، وفضل المسامحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفى من موسر أو معسر، وفضل الوضع من الدين، وأنه لا يحتقر شيئاً من أفعال الخير، فلعله سبب السعادة والرحمة. وفيه جواز توكيل العبيد، والإذن لهم في التصرف، وهذا على قول من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه أحمد (٥/٣٩٥) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي (٥/٣٩٩) قال: حدثنا محمد ابن جعفر، قال: حدثنا شعبة. والبخاري (٣/١٥٣) قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا شعبة. وفي (٤/٢٠٥) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو عوانة. ومسلم (٥/٣٢) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وابن ماجة (٢٤٢٠) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا شعبة. كلاهما -أبو عوانة، وشعبة- عن عبد الملك بن عمير.
٢ - أخرجه الدارمي (٢٥٤٩) . والبخاري (٣/٧٥) ، ومسلم (٥/٣٢) قالوا - الدارمي، والبخاري، ومسلم- حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا منصور بن المعتمر.
كلاهما -عبد الملك، ومنصور- عن ربعي بن حراش، فذكره.
* أما حديث أبي مسعود البدري، وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم-:
أخرجه أحمد (٤/١١٨) قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أبو مالك. ومسلم (٥/٣٢) قال: حدثنا علي بن حُجْر، وإسحاق بن إبراهيم، قالا: حدثنا جرير، عن المغيرة، عن نُعيم بن أبي هند.
كلاهما - أبو مالك، ونُعيم - عن ربعي بن حراش، فذكره.
* أخرجه مسلم (٥/٣٣) قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن سعد بن طارق، عن ربعي بن حراش، فذكره إلى أن قال: فقال عقبة بن عامر الجهني، وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>