للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموضوعات عليه، والنظر في طرقه وحفظ رجاله، وتزكيتهم، واعتبار أحوالهم، والتفتيش عن دخائل أمورهم، حتى قدحوا فيمن قدحوا، وجرحوا من جرحوا، وعدَّلوا من عدَّلوا، وأخذوا عمن أخذوا، وتركوا من تركوا. هذا بعد الاحتياط والضبط والتدبر، فكان هذا مقصدهم الأكبر، وغرضهم الأوفر، ولم يتسع الزمان لهم والعمر لأكثر من هذا الغرض الأعم، والمهم الأعظم (١) ، ولا رأوا في أديانهم (٢) أن يشتغلوا بغيره من لوازم هذا الفن التي هي كالتوابع، بل ولا كان يجوز لهم ذلك، فإن الواجب أولاً إثبات الذات، ثم ترتيب الصفات، والأصل، إنما هو عين الحديث وذاته، ثم بعد ذلك ترتيبه وتحسين وضعه، ففعلوا ما هو الفرض المتعين، واخترمتهم المنايا قبل الفراغ والتخلي لما فعله التابعون لهم، والمقتدون بهم، والمهتدون بهديهم، فتعبوا - رحمهم الله - لراحة من بعدهم، ونصبوا لدعة (٣) من اقتفى آثارهم.

ثم جاء الخلف الصالح، فأحبوا أن يظهروا تلك الفضيلة، ويشيعوا تلك المنقبة الجليلة، وينشروا تلك العلوم التي أفنوا أعمارهم في جمعها، ويفصلوا تلك الفوائد التي أجملوا تحسين وضعها، إما بإبداع ترتيب، أو بزيادة تهذيب، أو اختصار وتقريب، أو استنباط حكم، وشرح غريب.


(١) في المطبوع: والمهم حتى يستوفوا الكلام على المهم الأعظم.
(٢) في المطبوع " دنياهم ".
(٣) الدعة: الخفض والسعة في العيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>