للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٦٣ - (م س) جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -: قال: «كُنَّا في صَدْرِ النهارِ عِنْدَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فجاءه قَوم عُرَاة مُجتابي النِّمار، أو العَباءِ، مُتَقَلِّدي السيوفِ، عامَّتُهم من مُضَرَ، بل كلُّهم مِنْ مُضَرَ - فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-: لما رأى بهم من الفَاقة، فدخل، ثم خَرَجَ، فأمر بلالاً، فأذَّن وأقام فصلَّى، ثم خَطَبَ، فقال: {يَا أَيُّها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ (١) مِنْهَا زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: ١] ، والآية التي في الحشر: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُر نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: ١٨] تصدَّق رَجُل مِن دِينارِهِ، من دِرْهَمِهِ، من ثوبِهِ، من صاع بُرِّه، من صاع تَمرِهِ، حتى قال: ولو بشِقِّ تمرة، قال: فجاء رَجُل من الأَنصار بصُرَّة، كادت كَفُّه تعجِزُ عنها، بل قد عَجَزَتْ، قال: ثم تتابع الناسُ، حتى رأيتُ كَوْمَيْنِ من طعام وثياب، حتى رأَيتُ وجهَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تَهَلَّلَ كأنه مُدْهنَة (٢) ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: مَن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حَسَنَة فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده، من غير أن يَنْقُصَ من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإِسلام ⦗٤٥٨⦘ سُنَّة سيِّئة كان عليه وِزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقُصَ من أوزارهم شيء» .

وفي أخرى قال: «جاء نَاس من الأعراب إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، عليهم الصوف، فرأى سُوءَ حالهم ... فذكر بمعناه» . أخرجه مسلم.

وأخرج النسائي الرواية الأولى، وليس عنده: «مُجتابي النِّمار، أو العَبَاءِ» ، وزاد: «حُفاة» ، وقال: «مُذْهَبَة» (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مُجْتَابِي النِّمَار) النِّمَار: جمع نَمِرَة، وهي شَمْلة مخططة من مآزر الأعراب، واجتاب فلان ثوباً، إذا لبسه، وقيل: النَّمِرَة: بردة يلبسها الإماء والأول أوجه.

(فَتَمعَّر) تمعَّر وجهه: إذا تغيَّر وتلوَّن من الغضب.

(كَومَيْن) الكَوْم من الطعام: الصُّبْرَة، وأصل الكوم: ما ارتفع وأشرف.

(مُدْهُنَة) المُدْهُن: نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء من المطر، والمُدْهُن أيضاً: ما جعل فيه الدُّهن، والمدهُنة كذلك، شبَّه صفاء وجهه - صلى الله عليه وسلم- لإشراقه بالسرور: بصفاء هذا الماء المجتمع في الحجر، أو بصفاء الدهن، هذا ⦗٤٥٩⦘ ما شرحه الحميدي في غريبه، وقد جاء في كتاب النسائي وبعض نسخ مسلم «مُذْهَبة» بالذال المعجمة والباء المعجمة بواحدة، فإن صحت الرواية: فهي من الشيء المُذْهَب، أي: المُموه بالذَّهب، أو من قولهم: فرس مُذْهَب: إذا علت حمرته صفرة، والأنثى مُذْهَبة، وإنما خص الأنثى بالذكر: لأنها تكون أصفى لوناً من الذكر، وأرق بشرة. والله أعلم.

(وِزْرَة) الوِزْر: الحِمْل والثِّقْل.


(١) في المطبوع: ثم خلق، وهو خطأ.
(٢) وفي النسائي وبعض نسخ مسلم: مذهبة.
(٣) رواه مسلم رقم (١٠١٧) في الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، والنسائي ٥ / ٧٥ و ٧٦ في الزكاة، باب التحريض على الصدقة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
١- أخرجه أحمد (٤/٣٥٧) مختصرا قال: حدثنا عبد الرحمان بن مهدي. وفي (٤/٣٥٧، ٣٥٩) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. وفي (٤/٣٥٨) قال: حدثنا محمد بن جعفر. ومسلم (٣/٨٦، ٨/٦٢) قال: حدثني محمد بن المثنى العنزي، قال: أخبرنا محمد بن جعفر. وفي (٣/٨٧، ٨/٦٢) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شعبة، قال: حدثنا أبو أسامة. وفي (٣/٨٧، ٨/٦٢) أيضا قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، قال: حدثنا أبي. والنسائي (٥/٧٥) قال: أخبرنا أزهر بن جميل، قال: حدثنا خالد بن الحارث.
ستتهم - عبد الرحمان، وهاشم، وابن جعفر، وأبو أسامة، ومعاذ، وخالد - قالوا: حدثنا شعبة، قال: حدثني عون بن أبي جحيفة.
٢- وأخرجه مسلم (٣/٨٧، ٨/٦٢) قال: حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، وأبو كامل، ومحمد بن عبد الملك الأموي، قالوا: حدثنا أبو عوانة، وابن ماجة (٢٠٣) مختصرا قال: حدثنا محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب، قال: حدثنا أبو عوانة. والترمذي (٢٦٧٥) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا المسعودي.
كلاهما - أبو عوانة، والمسعودي - عن عبد الملك بن عمير.
كلاهما - عون بن أبي جحيفة، وعبد الملك - عن المنذر بن جرير، فذكره. زاد أبو عوانة في روايته عن مسلم: فصلى الظهر ثم صعد منبرا صغيرا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد. فذكر الحديث.
رواية المسعودي عن عبد الملك مختصرة وقال: عن ابن جرير ولم يسمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>