للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٧٣ - (خ م ط د ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «كان أبو طلحةَ أكثَرَ الأنصار مالاً بالمدينة من نخل، وكان أحبَّ أمواله إِليه بَيْرُحاءَ، وكانت مستقبلةَ المسجدِ، فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يدخُلُها، ويشربُ من ماء فيها طيِّب، قال أنس: فلما نزلتْ هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] قام أبو طلحةَ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم ⦗٤٦٧⦘ فقال: يا رسولَ الله، إِن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإِن أحبَّ مالي إِليَّ: بَيْرُحاءَ، وإِنَّها صدقة لله، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله، فَضعْها يا رسولَ الله حيث أراكَ الله، قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: بَخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلتَ، وإِني أرى أن تجعلَها في الأقربين، فقال أبو طلحةَ: أفعلُ يا رسولَ الله، فقسمها أبو طلحةَ في أقاربه وبني عمه» .

قال القَعْنَبي عن مالك، قال: «رابح، أو رايح» ، وقال غيره: «رايح» ، وقال غيره: «رابح» (١) .

قال البخاري: قال ثابت عن أنس: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحةَ: «اجعله لفقراءِ أقارِبِكَ، فجعلها لحسانَ، وأُبيِّ بن كعب» .

وفي رواية: وقال: «اجعلها لفقراءِ قرابتِكَ، قال أنس: فجعلها لحسانَ وأُبيِّ بن كعب، وكانا أقربَ إِليه مني، وكانت قرابةُ حسانَ، وأُبيِّ من أَبي طلحةَ - واسمه: زيد بن سهل بن الأسود بن حَرام بن عمرو بن زيد مناة بن عَدِي بن عمرو بن مالك بن النجار، وحسان: بن ثابت بن المنذر بن حرام - يجتمعان إِلى حرام، وهو الأب الثالث» .

قال البخاري: وقال إسماعيل: أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي ⦗٤٦٨⦘ سلمةَ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحةَ - لا أعلمه إِلا عن أنس - قال: «لما نزلتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ} جاء أبو طلحةَ ... ثم ذكر نحو ما تقدَّم ... إِلى أن قال: فهي إِلى الله عز وجل، وإِلى رسوله - صلى الله عليه وسلم-، أرجو بِرَّه وذُخْرَهُ، فضعها أيْ رسولَ الله حيث أَراك الله، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: بَخ أبا طلحة، ذلك مال رابح، قبلناه منك، ورَددناه عليك، فاجعله في الأقربين، فتصدَّقَ أبو طلحةَ على ذوي رَحِمه، قال: وكان منهم: أُبَيٌّ وحسانُ، قال: فباع حسانُ حِصَّتَهُ من معاويةَ، فقيل له: تبيعُ صدقةَ أبي طلحةَ؟ فقال: أَلا أبيعُ صاعاً من تمر بصاع من دراهم؟ قال: وكانتْ تلك الحديقةُ في موضع قصر بني جديلةَ الذي بناه معاوية» . أخرجه البخاري، ومسلم.

ولمسلم قال: «لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ} قال أبو طلحةَ: أرى رَبَّنا يسأَلُنا من أموالنا، فأُشْهِدك أني [قد] جعلتُ أرضي بيرُحَاءَ لله، فقال: اجعلها في قرابتك، قال: فجعلها في حسانَ بنِ ثابت، وأُبيِّ بن كعب» .

وأخرج الموطأ الرواية الأولى.

وفي رواية أبي داود مثل هذه الآخرة، وقال: «فقسمها بين حسان بن ثابت، وأُبي بن كعب» .

قال أبو داود: وبلغني عن الأنصاري - محمد بن عبد الله - قال أبو طلحة: زيد بن سهل، وذكر نَسَبَهُ، ونَسَبَ حسان كما سبق - وزاد: وأَبيّ بن كعب بن ⦗٤٦٩⦘ قيس بن عتيك بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، فعمرو يجمع حسان وأبا طلحة وأُبَيّاً، قال الأنصاري: وبين أُبيّ وأبي طلحة ستةُ آباء.

وفي رواية الترمذي قال: «لما نزلت: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ونزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} [البقرة: ٢٤٥] قال أبو طلحة: يا رسول الله، حائطي صدقة لله، ولو استطعتُ أنْ أُسِرَّ ذلك لم أُعْلنْه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: اجعلْه في قرابتك» .

وأخرج النسائي رواية مسلم الآخرة (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بَيْرُحَاء) هذه اللفظة ما رأيت أحداً ضبطها ضبطاً يزول معه الشك، إلا أن الدائر في ألسنة قراء الحديث، يقولونها: «بَيْرُحَاء» بضم الراء والمد، والذي رأيته في كتاب «الفائق» للزمخشري، قال: «بَيْرَحى» بفتح الراء والقصر، وقال: إنه اسم أرض كانت لأبي طلحة، وهي فيعلى من البَرَاح، وهو المكان المتسع الظاهر. ⦗٤٧٠⦘

(بَخٍ بَخٍ) : كلمة يقولها المتعجب من الشيء، وعند المدح والرضى بالشيء، ويكرر للمبالغة، فيقال: بخٍ بخٍ، فإن وصلت جررت ونوَّنت فقلت: بخٍ بخٍ، وربما شدَّدت.

(مال رابح، ورايح) رابح بنقطة واحدة، معناه: ذو رِبْح، وأما بنقطتين، فمعناه: أنه قريب المسافة يروح خيره ولا يغرب.


(١) يعني أن القعنبي رواه بالشك، ورواه غيره بالجزم " رابح " بالباء من الربح، أو " رايح " أي: رايح عليه أجره. وانظر " الفتح " ٣ / ٢٥٧.
(٢) رواه البخاري ٣ / ٢٥٧ في الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، وفي الوكالة، باب إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله، وفي الوصايا، باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، وباب إذا وقف أرضاً ولم يبين الحدود، فهو جائز، وفي تفسير سورة آل عمران، باب لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، وفي الأشربة، باب استعذاب الماء، ومسلم رقم (٩٩٨) في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج، والموطأ ٢ / ٩٩٥ و ٩٩٦ في الصدقة، باب الترغيب في الصدقة، وأبو داود رقم (١٦٨٩) في الزكاة، باب في صلة الرحم، والترمذي رقم (٣٠٠٠) في التفسير، باب من سورة آل عمران، والنسائي ٦ / ٢٣١ و ٢٣٢ في الإحباس، باب كيف يكتب الحبس.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك في الموطأ مع شرح الزرقاني (٤/٥٣٧) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك فذكره.
وأخرجه البخاري (١٤٦١) حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك فذكره وأخرجه مسلم في الذكاة (١٥: ٢) عن محمد بن حاتم عن بهز وأبو داود فيه الزكاة (٤٦) عن موسى بن إسماعيل والنسائي في الإحباس (٢: ٦) وفي التفسير في الكبرى عن أبي بكر ابن نافع عن بهز.
كلاهما - عن حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري عن ثابت عن أنس. تحفة الأشراف (١/١١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>