للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٦٣ - (خ م ت د س) يزيد بن شريك بن طارق التيمي - رحمه الله - قال: «رأيت عليّاً على المنبر يخطُب، فسمعتُه يقول: لا والله، ما عندنا من كتاب نَقْرَؤُهُ إِلا كتابَ الله، وما في هذه الصَّحيفة، فنشَرها فإِذا فيها أسْنَانُ الإِبِلِ وأشياءُ من الجراحات، وفيها: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: المدينةُ حَرَم، ما بَين عَيْر إِلى ثَوْر، فمَن أَحْدَث فيها حَدَثاً أو آوَى مُحْدِثاً، فعليه لعنَةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صَرْفاً وَلا عَدْلاً، ذِمَّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أَخْفَر مسلماً، فعليه لعنة الله والملائكة ⦗٢٧⦘ والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يومَ القيامة عَدْلاً ولا صَرفاً، ومَن وَالَى قوماً بغير إِذْنِ مَوَاليه - وفي رواية: ومن ادَّعى إلى غير أبيه، أو انْتَمَى إِلى غير مواليه - فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً» . أخرجه البخاري ومسلم.

وعند البخاري عن أبي جُحيفة - وهب بن عبد الله السُّوائي - قال: «قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ قال: لا، والذي فَلَقَ الحبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلا فَهْمٌ يُعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العَقْلُ، وفَكاكُ الأسِير، وأن لا يُقتل مسلم بكافر» .

وأخرج الترمذي مثل الأولى، ومثل الثانية تاماً ومختصراً.

وأخرج أبو داود نحواً من هذا في تحريم المدينة وذِمَّة المسلمين، عن إبراهيم التَّيمي عن أبيه، وأخرج أيضاً نحوه عن أبي حسان، وزاد فيه زيادة، وهو مذكور في فَضْل المدينة من كتاب الفضائل من حرف الفاء.

وأخرج النسائي رواية أبي جحيفة.

وله عن أبي حسان قال: قال علي: «ما عهد إليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- شيئاً دون الناس، إِلا صحيفة في قِرابِ سَيفي، فلم يزالوا حتى أخرج الصحيفة، فإذا فيها: المؤمنون تتكافأ دِماؤهم، ويسعى بذِمَّتهم أَدْنَاهم، وهم يَد على من ⦗٢٨⦘ سِواهم، ولا يُقْتَل مؤمن بكافر، ولا ذُو عهد في عهده» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عَيْر إلى ثور) عَيْر: جبل بالمدينة معروف، فأمَّا «ثَوْر» : فإنه جبل معروف بمكة، وليس بأراضي المدينة جبل يسمَّى ثَوْراً، ولكن الحديث هكذا جاء: «ما بين عَيْر إلى ثَوْر» . قالوا: ولعل الحديث قد كان «ما بين عير إلى أُحُد» فحرَّفه الرواة.

(حَدَثاً) الحَدَث: الأمر المنكر، مما نهى عنه الشرع وحرَّمه.

(آوى مُحْدِثاً) يروى بكسر الدال، وهو فاعل الحدث، وبفتحها، وهو الأمر المحدَث، والعمل المبتَدع الذي لم تجر به سُنَّة، كأنه رضي له ولم ينكره، والأول الوجه.

(أخفر) أخْفَرت الذِّمَام: إذا نقضته، وغَدَرْت به.

(صَرْفاً ولا عَدْلاً) العدل: الفريضة، والصرف: النافلة، وقيل: العدل: الفدية، والصرف: التوبة. ⦗٢٩⦘

(وَالَى قوماً) واليتُ آل فلان: إذا صِرْتَ من مواليهم، وانتميتَ إليهم، ولم يكونوا مواليك.

(بغير إذن مواليه) قال الخطابي: يدل ظاهره: أنهم إذا أذِنوا له جاز أن يُوالي غيرهم، وليس الأمر على ذلك، فإنهم لو أذنوا له لم يجزْ له، ولا ينتقل ولاؤه عنهم، وإنما ذكر الإذن واشترطه تأكيداً لتحريمه عليه، ومنعه منه، فإنه إذا استأذن أولياءه في مُوالاة غيرهم منعوه من ذلك، وإذا استبدَّ به دونهم، خفيَ أمرُه عليهم، وربما تمَّ له ذلك، فإذا تطاول عليه الزمان عُرف بولاء من انتقل إليهم، فيكون ذلك سبباً لبطلان حق مواليه.

(أو انْتَمى) الانتماء: الانتساب والالتجاء إلى قوم.

(فَلَق الحبة) بفتح الحاء هاهنا، وهي كالحنطة والشعير، وفلقُها: شَقُّها للإنبات.

(بَرَأَ النَّسَمة) النَّسمة: كلُّ ذي روح، وبرأها: خلقها.

(العقل) : الدِّية، وقد تقدم شرحها مستوفى في كتاب الديات.

(فَكاك الأسير) وفكُّه: إطْلاقه.

(تتكافأ دماؤهم) التكافؤ: التساوي، وفلان كُفْء فلان: إذا كان مثله.

(يسعى بذمتهم أدناهم) الذِّمَّة: الأمان، ومنه سمي المعاهد ذِمِّيّاً لأنه أُومِنَ على ماله ودمه بالجزية، ومعنى قوله: يسعى بذمتهم أدناهم: أن أدنى المسلمين إذا أعطى أماناً لأحد فليس لأحد من المسلمين أن ينقض ذمامه، ⦗٣٠⦘ ولا يُخفِر عهده.

(وهم يدٌ على من سواهم) أي: ذوو يد، يعني: قدرة واستيلاء على غيرهم من أصحاب المِلَل.

(لا يُقْتَل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده) لهذا الكلام تأويلان أحدهما: لا يُقتَل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في حال مُعاهدته بكافر، كأنه قال: لا يقتل مسلم ولا معاهد بكافر، والآخر: لا يقتل مسلم بكافر، ولا يقتل المعاهد في حال معاهدته.


(١) رواه البخاري ١ / ١٨٢ و ١٨٣ في العلم، باب كتابة العلم، وفي الجهاد، باب فكاك الأسير، وفي الديات، باب العاقلة، وباب لا يقتل مسلم بكافر، ومسلم رقم (١٣٧٠) في الحج، باب فضل المدينة، وفي العتق، باب تحريم تولي العتيق غير مواليه، وأبو داود رقم (٢٠٣٤) و (٢٠٣٥) في المناسك، باب في تحريم المدينة، والترمذي رقم (٢١٢٨) في الولاء والهبة، باب ما جاء فيمن تولى غير مواليه أو ادعى إلى غير أبيه، والنسائي ٨ / ٢٣ في القسامة، باب سقوط القود من المسلم للكافر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الحج (٢١٠: ٤) عن محمد بن بشار، عن أبي مهري، وفي الجزية (١٧: ٢) عن محمد بن محمد.
كلاهما عن سفيان، وفيه (الجزية: ١٠) عن محمد، عن وكيع، وفي الفرائض (٢١: ١) عن قتيبة، عن جرير، وفي الاعتصام (٦/٢) عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه.
أربعتهم عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، ومسلم في المناسك (٨٥: ١٤) عن أبي بكر وابن كريب وزهير بن حرب.
ثلاثتهم عن أبي معاوية. و (٨٥: ١٥) عن أبي سعيد الأشج، عن وكيع. (٨٥: ١٦) عن عبيد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي. كلاهما عن ابن مهدي به، وأبو داود فيه (المناسك ٩٧: ١) عن محمد بن كثير، والترمذي في الهبة وفي الولاء (٣/) عن هناد، عن أبي معاوية، وقال: حسن صحيح، وروى بعضهم عن الأعمش عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي نحوه، والنسائي في الحج الكبرى (٣١١: ٦) عن إسماعيل بن مسعود، عن عبد الرحمن بن مهدي نحوه
كلهم عن يزيد بن شريك، فذكره (تحفة الأشراف ٧/٤٥٨) وبنحوه: أخرجه الحميدي (٤٠) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (١/٧٩) (٥٩٩) قال: حدثنا سفيان، والدارمي (٢٣٦١) قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير. والبخاري (١/٣٨) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا وكيع عن سفيان وفي. قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير. وفي (٩/١٣) قال: حدثنا صدقة بن الفضل، قال: أخبرنا ابن عيينة. وابن ماجة (٢٦٥٨) قال: حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش. والترمذي (١٤١٢) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا هشيم. والنسائي (٨/٢٣) قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان
خمستهم - سفيان بن عيينة، وجرير، وسفيان الثوري، وزهير، وأبو بكر بن عياش - عن مطرف بن طريف، عن عامر الشعبي، عن أبي جحيفة، فذكره.
وبنحوه أخرجه أحمد (١/١٢٢) (٩٩٣) . وأبو داود (٤٥٠) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، ومسدد. والنسائي (٨/١٩) قال: أخبرني محمد بن المثنى.
ثلاثتهم -أحمد، ومسدد، وابن المثنى - قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>