للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٨٠ - (خ م ط س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم ⦗٤٢⦘ قال: «كان رجل يُسْرِفُ على نَفسِه، فلما حَضَرَهُ الموتُ، قال لبنيه: إِذا أنا مِتُّ فأحْرِقُوني، ثم اطْحنوني، ثم ذَرُّوني في الرِّيح، فوالله، لئِن قَدَرَ عليَّ ربِّي لَيُعذِّبَنِّي عذاباً ما عذَّبَه أحداً، فلما مات فُعِل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجْمَعي ما فِيكِ منه، ففعلتْ، فإذا هو قَائِم، فقال: ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ قال: خَشْيَتُك يا ربِّ، أو قال: مَخَافَتُكَ فَغُفِرَ له بذلِك (١) » . وفي رواية: «فغُفِر له» قال البخاري: وقال غيره (٢) : «مخافتك يا رب (٣) » .

وفي أخرى: «قال الله عز وجل: لكل شيء أَخَذَ منه شيئاً: أدِّ ما أخَذْتَ مِنْه» .

وفي أخرى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «قال رجل لم يعمل حسنة قَطُّ لأهله: إذا مات فَحرِّقُوه، ثم اذْرُوا نصفه في البرِّ، ونِصْفَهُ في البحرِ، فوالله، لئِنْ قَدَرَ الله عليه ليُعذِّبنَّه عذاباً لا يُعَذِّبُهُ أحداً من العالمين، فلما ⦗٤٣⦘ مات الرجل فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البَرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: من خشيتك يا ربِّ، وأنت أعلم، فغفر الله عز وجل له» . أخرجه البخاري ومسلم.

ولمسلم قال: «أسْرَفَ رجل على نفسه، فلما حضره الموتُ أوصى بنيه: إذا أنا مِتُّ فَحرِّقُوني، ثم اسْحَقوني، ثم اذْرُوني في الرِّيح في البحر، فوالله لئِنْ قدَر عليَّ ربي لُيعذِّبنِّي عذاباً ما عذَّبه أحداً، قال: ففعلوا ذلِكَ [به] ، فقال للأرض: أدِّي ما أخَذْتِ، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعتَ؟ قال: خشيتُك يا ربِّ - أو قال: مخافتُك - قال: فغفر له بذلك» .

قال الزهري: وحدثني حميد، عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «دخلت امرأة النار في هِرَّة ربطتْها، فلا هي أطعمتْها، ولا هي أرسلتْها تأكل من خَشَاشِ الأرض حتى ماتت، قال الزهري: ذلك لئلا يَتَّكِلَ رجل، ولا يَيْأسَ رجل» .

وفي رواية: «فَاسْحَقُوني - أو قال: فاسحَكُوني» .

وأخرج الموطأ، والنسائي نحواً من ذلك (٤) . ⦗٤٤⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(خشاش) الأرض: حشراتها وهوامُّها.

(فاسْحَكوني) أي: اسحقوني، سحَكْت الشيء: إذا سحقتَه.


(١) قال الخطابي: قد يستشكل هذا فيقال: كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب: أنه لم ينكر البعث، وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد، فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك عن خشية الله.
(٢) قال الحافظ في " الفتح ": الغير المذكور هو عبد الرزاق كذا رواه عن معمر بلفظ: خشيتك بدل مخافتك، وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا، وقد وقع في حديث أبي سعيد: مخافتك، وفي حديث حذيفة: خشيتك.
(٣) في الأصل والمطبوع: خشيتك، وما أثبتناه من نسخ البخاري المطبوعة.
(٤) رواه البخاري ١٣ / ٣٩٢ في التوحيد، باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} ، وفي الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم رقم (٢٧٥٦) في التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، والموطأ ١ / ٢٤٠ في الجنائز، باب جامع الجنائز، والنسائي ٤ / ١١٣ في الجنائز، باب أرواح المؤمنين.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٢/٢٦٩) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. والبخاري (٤/٢١٣) قال: حدثني عبد الله بن محمد. قال: حدثنا هاشم. قال: أخبرنا معمر. ومسلم (٨/٩٧) قال: حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد. قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (٨/٨٩) قال: حدثني أبو الربيع سليمان بن داود. قال: حدثنا محمد بن حرب. قال: حدثني الزبيدي. وابن ماجة (٤٢٥٥) قال: حدثنا محمد بن يحيى وإسحاق بن منصور. قالا: حدثنا عبد الرزاق. قال: أنبأنا معمر. والنسائي (٤/١١٢) قال: أخبرنا كثير بن عبيد. قال: حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي.
كلاهما- معمر بن راشد، ومحمد بن الوليد الزبيدي- عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، فذكره.
(*) في رواية عبد الرزاق، عن معمر: «قال معمر: قال لي الزهري: ألا أحدثك بحديثين عجيبين؟ قال الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن» فذكر هذا الحديث، وحديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها.
- والرواية الثانية: أخرجها مالك (الموطأ) (١٦٥) . والبخاري (٩/١٧٧) قال: حدثنا إسماعيل. ومسلم (٨/٩٧) قال: حدثني محمد بن مرزوق، ابن بنت مهدي بن ميمون. قال: حدثنا روح. والنسائي في الكبري (تحفة الأشراف) (١٠/١٣٨١٠) عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين.
كلاهما عن ابن القاسم.
ثلاثتهم -إسماعيل بن أبي أويس، وروح بن عبادة، وعبد الرحمن بن القاسم- عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، فذكره.
وبلفظ: «كان رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد فلما احتضر قال لأهله: انظروا إذا أنا مت أن يحرقوه حتى يدعوه حمما، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم ريح. فلما مات فعلوا ذلك به، فإذا هو في قبضة الله. فقال الله عز وجل: يا ابن أدم، ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي رب، من مخافتك. قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيرا قط إلا التوحيد» .
أخرجه أحمد (١/٣٩٨) قال: قال يحيى. وفي (٢/٣٠٤) قال: حدثنا أبو كامل.
كلاهما- يحيى بن إسحاق، وأبو كامل - قالا: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أبي رافع، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>