للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٢٨ - (خ د) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «مررتُ فإِذا أبو جهل صَرِيع، قد ضُرِبت رِجله، فقلتُ: يا عَدوَّ الله يا أبا جهل، قد أَخْزَى الله الآخِرَ - قال: ولا أهابُه عند ذلك - فقال: أبْعَدُ من رجل قتله قومه، فضربته بسيف غيرِ طائل، فلم يُغْنِ شيئاً حتى سقط سيفُه من يده، فضربته حتى بردَ» . أخرجه أبو داود (١) .

وزاد رزين قال: «فَنَفَّلَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سيفَه لَمَّا أَجْهَزْتُ عليه، وكان قد أُثخِن» (٢) .

وفي رواية ذكرها رزين: أنه قال: «لما ضربته بسيفي، فلم يُغْنِ شيئاً بَصقَ في وجهي، وقال: سيفُك كَهَام، فخذْ سيفي فاجْتَزَّ به رأسي من عُرْشي، ليكون أنْهى للرقبة» . والعُرشُ: عِرق في أصل الرقبة. ⦗١٩٧⦘

وفي رواية البخاري مختصراً: «أنه أتى أبا جهل يومَ بدر، وبه رَمَق، فقال: هل أعْمَدُ من رجل قتلتموه» (٣) .

وفي أخرى: ذكرها رزين قال: «استقبل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- الكعبةَ حين طرحوا على ظهره سَلا الجزور، فدعا على نَفَر من قريش: على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبي جهل بن هشام، فأشهدُ بالله، لقد رأيتُهُم صَرْعى يومَ بدر، قد غيّرتْهم الشمس، فكان يوماً حاراً، قال: فأتيت أبا جهل وبه رَمَق، وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: مَن ينظر ما صنع أبو جهل؟ فانطلقت فوجدتُه قد ضربه ابنا عَفْراءَ، حتى برد، فقلت: أنت أبو جهل؟ وأخذت بلحيته وهو صريع، وقد ضُربت رِجله، فقلت: هل أخْزاكَ الله يا عدوَّ الله؟ - قال: ولا أهابُه عند ذلك - فقال: هل فوق رجل قتلتموه - أو قال: قتله قومه - فلو غَيْرَ أكَّار قتلني؟ قال: فضربته بسيفي، وسيفه بيده، فلم يُغْنِ شيئاً، فبصق إلى وجهي، وقال: سيفك كَهَام، خُذْ سيفي، فاجْتَزَّ به رأسي من عُرشي، فأجهزتُ عليه، فنفَّلني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سيفَه لما أجهزت عليه، وكان قد أُثخِن، قال: وكان عُتبةُ قد أشار على أبي جهل بالانصراف، فقال له أبو جهل: قد انتَفَخَ سَحْرُه من الخَوف، فقال له عتبةُ: سَيَعْلَمُ مُصَفِّر اسْتِهِ: أيُّنا انْتَفَخ سحره» . ⦗١٩٨⦘

وقد أَخرج البخاري ومسلم حديثَ سَلا الجزور، ودعاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- على الجماعة المذكورين، وقَتْلَهم ببدر، وسيجيء الحديثُ بطوله في «كتاب النبوة» من حرف النون (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(برد) : إذا سكن، وأراد به الموت.

(أخزى) أخزاه يخزيه: إذا أهانه.

(أبعدُ من رجل قتله قومه) يروى هذا الكلام " هل أعمَدُ من رجل قتله قومه " و" أبعد من رجل " فأما " أعمد " فإنه بمعنى: أعجب، يقولون: أنا أعمد من كذا وكذا، أي: أعجب منه، وقيل: أعمد، بمعنى: أغضب، من قولهم: عمد عليه، أي: غضب، وقيل: معناه: أتوجَّع وأشتكي، من قولهم: عمدني الأمر، فعمدت، أي: أوجعني فوجعت، والمراد بذلك كله: هل زاد على رجلٍ قتله قومه؟ وهل كان إلا هذا؟ أي: إنه ليس بعارٍ، ومنه قوله: أعمد من كيلٍ محقّ، أي: هل زاد على هذا؟ وأما " أبعد من رجل " فإن الخطابي قال: رواه أبو داود " أبعد من رجل " وهو خطأ، وإنما هو " أعمد " بالعين قبل الميم، وهي كلمة للعرب، معناها: كأنه يقول: هل زاد على رجل قتله قومه؟ يُهَوِّن على نفسه ما حل به من الهلاك، ويجوز أن لا يكون ⦗١٩٩⦘ خطأ، فإن له معنى، وذلك راجع إلى هذا التأويل، أي: هل أعظم من ذلك أو أكثر منه؟ فإن الشيء إذا كان عظيماً قليل الوقوع، قيل: هذا أمر بعيد، أي: لا يقع مثله، فقوله: «هل أبْعَدُ من رجل قتله قومه؟» يعني أنك استعظمت أمري، واستبعدت قتلي، فهل هو أبعد من رجل قتله قومه؟

(غير طائل) أي: غير ماضٍ ولا قاطع.

(فَنَفَّلَني) أي: أعطاني نافلة، أي: زيادة على نصيبي.

(أجهزت) على الجريح: إذا حررت قتله بالسيف وأسرعت في قتله.

(كَهَام) سيف كهام: كليل الحدِّ لا يقطع.

(عُرشي) العُرش بالعين المهملة والشين المعجمة: عرق في أصل العنق.

(أثْخَن) الإثخان: شدة القتل وألم الجراح.

(الجزور) : البعير، ذكراً كان أو أنثى.

(سلا) الناقة: الغشاوة التي يكون فيها الولد، وهي بمنزلة المشيمة للإنسان.

(رمق) الرمق: بقية الروح وآخِرُ النَّفس.

(انتفخ سحره) السَّحْر: الرئة، ويقال: انتفخ سحر فلان، وذلك عند شدة الخوف.

(مصفّراً أسته) هذه كلمة تقال للمتنعِّم الذي لم تحنكه التجارب، كأنه ⦗٢٠٠⦘ أخذ من الصفير، يريد يضرِّط نفسه بيده، وهو كقولك: يا ضَرَّاط، وقيل: إنه أراد بذلك: أنه رماه بالأُبنَة، وأنه كان يزعفر استه، وقيل: إن أبا جهل كان به ذلك.


(١) رقم (٢٧٠٩) في الجهاد، باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة من حديث أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه، وإسناده منقطع، فإن عبيدة لم يسمع من أبيه، ولكن للحديث شواهد بمعناه يقوى بها، وانظر " الفتح " ٧ / ٢٢٩.
(٢) رواه أبو داود بمعناه رقم (٢٧٢٢) في الجهاد، باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " مثل رواية أبي داود الأولى ١ / ٤٤٤ وزاد فيه: فنفلني سيفه، وهو حديث حسن.
(٣) رواه البخاري ٧ / ٢٢٩ في المغازي، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش.
(٤) رواه البخاري ٧ / ١٢٧ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، ورواه أيضاً مسلم رقم (١٧٩٤) في الجهاد، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٥/٩٤) قال: حدثنا ابن نمير. قال: حدثنا أبو أسامة. قال: حدثنا إسماعيل. قال: أخبرنا قيس، فذكره.
أخرجه أحمد (١/٤٠٣) (٣٨٢٤) قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك. وفي (١/٤٠٣) (٣٨٢٥) قال: حدثنا أسود، قال: حدثنا زهير. وفي (١/٤٠٦) (٣٨٥٦) (١/٤٢٢) (٤٠٠٨) قال: حدثنا أمية بن خالد، قال: حدثنا شعبة. وفي (١/٤٤٤) (٤٢٤٦) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا إسرائيل وفي (١/٤٤٤) (٤٢٤٧) قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا أبو إسحاق. عن سفيان وأبو داود (٢٧٠٩) قال: حدثنا محمد بن العلاء، قال: أخبرنا إبراهيم يعني ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (٩٦١٩) عن عمرو بن يزيد الجرمي، عن أمية بن خالد القيسي، عن شعبة.
ستتهم - شريك، وزهير، وشعبة، وإسرائيل، وسفيان الثوري، ويوسف بن إسحاق - عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>