للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٤٥ - (خ) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: لما سارَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتح، فبلغ ذلك قريشاً، خرج أبو سفيانَ بنُ حرب، وحكيمُ بنُ حزام، وبُدَيْلُ بنُ وَرقاءَ، يلتمسون الخبر عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا يسيرون، حتى أَتَوا مَرَّ الظَّهران، فإذا هم بِنيران، كأنها نِيرانُ عَرَفَةَ، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفةَ، فقال بُديل بنُ ⦗٣٦٤⦘ ورقاءَ: نيرانُ بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقلُّ من ذلك، فرآهم ناس من حَرَس رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأدركوهم فأخذوهم، فأتَوا بهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم أبو سفيان، فلما سارَ قال للعباس: احبس أَبا سفيان عند خَطْم الجبل، حتى ينظرَ إِلى المسلمين، فَحَبَسَهُ العباسُ، فجعلتِ القبائل تمرُّ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، تَمُرُّ كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرَّتْ كَتيبة، فقال: يا عباس، مَنْ هذه؟ قال: هذه غِفَار، قال: مالي ولغفار، ثم مرتْ جُهينةُ، فقال: مثل ذلك، ثم مرَّتْ سعدُ بنُ هُذَيم، فقال مثل ذلك، ثم مرت سُلَيم، فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم يُرَ مثلُها، قال: مَن هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار، عليهم سعدُ بنُ عُبادَةَ معه الرايةُ، فقال سعدُ بنُ عبادةَ: يا أبا سفيان «اليومَ يومُ الملْحَمَةِ، اليومَ تُستحلُّ الكعبةُ، فقال أبو سفيان: يا عباس، حَبَّذا يومُ الذِّمار، ثم جاءت كتيبة، وهي أَجَلُّ الكتائب، فيهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ، ورايةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير، فلما مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان، قال: ألم تعلم ما قال سعدُ بنُ عُبَادَةَ؟ قال: ما قال؟ قال: قال كذا وكذا، فقال: كَذَبَ سعد، ولكن هذا يوم يُعظِّم الله فيه الكعبةَ [ويوم تُكْسَى فيه الكعبةُ] قال: وأَمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُركَزَ رايتُهُ بالحُجُون، قال عروةُ: فأخبرني نافعُ بنُ جُبَيْرِ بن مطعم قال: سمعتُ العباس يقول للزبير [بن العوام] : يا أبا عبد الله، أهاهنا أَمَركَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم ⦗٣٦٥⦘ أن تركز الراية؟ قال: نعم، قال: وأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالدَ بنَ الوليد أن يدخلَ من أعلى مكةَ من كَدَاءَ (١) ، ودخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من كُدَىً، فَقُتِلَ من خيل خالد بن الوليد يومئذ رجلان: حُبَيْش بنُ الأشعر، وكُرْزُ بنُ جابر الفهريُّ» . أخرجه البخاري (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(خَطْم الجبل) هذه اللفظة قد جاءت في كتاب الحميدي «خطم الجبل» وفسرها في غريبه، فقال: الخطم والخطمة: رَعْن الجبل، وهو الأنف النادر منه، والذي جاء في كتاب البخاري - فيما قرأناه - وفي غيره من النسخ «حطم الخيل» مضبوطاً هكذا، وذلك بخلاف رواية الحميدي، فإن صحت الرواية ولم تكن خطأ من الكُتَّاب، فيكون معناه - والله أعلم - أنه يقف به في ⦗٣٦٦⦘ الموضع المتضايق الذي تتحطم فيه الخيل، أي: يدوس بعضُها بعضاً، ويحطم بعضها بعضاً، فيراها جميعاً، وتكثر في عينه، بكونها في ذلك الموضع الضيق، بخلاف ما إذا كانت في موضع مُتَّسع، وكذلك أراد بوقوفه عند خَطم الجبل على ما شرحه الحميدي، فإن الأنف النادر من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج فيه، والله أعلم.

(كتيبة) الكتيبة: واحدة من الكتائب، وهي العساكر المرتبة.

(الملحمة) : الحربُ والقتال الذي لا مخلص منه.

(الذِّمار) : ما لزمك حفظه، يقال: فلان حامي الذِّمار: يحمي ما يجب عليه حفظه.

(بالحُجُون) الحجون: أحد جبلي مكة من جهة الغرب والشمال.

(من كَدَاءِ) كَداء بالفتح والمدّ: ثَنِيَّة من أعلى مكة، مما يلي المقبرة، وكُدى - بالضم والقصر - ثَنِيَّة من أسفل مكة.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، أي: بالمد، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدى، أي: بالقصر، قال الحافظ: وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالداً دخل من أسفل مكة، والنبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها، وكذا جزم ابن إسحاق أن خالداً دخل من أسفل مكة، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها، وضربت له هناك قبة، وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقاً واضحاً فقال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأمره أن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه، وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيره وأمره أن يدخل من أسفل مكة، وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم.
(٢) ٨ / ٤ - ١٠ في المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٤٢٨٠) حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>