للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٥ - (خ م ت س) - البراء بن عازب - رضي الله عنهما-: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوَّلَ ما قدِمَ المدينة نزَل على أجدادِه - أو قال: أَخوالِه (١) - من الأنصارِ، وأنَّهُ صلَّى قِبَلَ بَيْتِ المقدِسِ ستَّةَ عَشرَ شهراً، أو سبعةَ عشر شَهراً، وكان يُعجِبُهُ أَن تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البيتِ، وَأَنَّهُ صلَّى أَوَّل (٢) صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصر، وصلَّى معه قومٌ، فخرجَ رجلٌ (٣) مِمَّنْ صلَّى معه، فمرَّ عَلى أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أَشهدُ باللهِ لقد صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ ⦗١١⦘ الكعبةِ، فدارُوا - كما هُم قِبلَ البيت - وكانت اليهودُ قد أعجَبَهُم ; إذ كان يُصلِّي قِبَلَ بيت المقدس، وأهلُ الكتابِ، فلمَّا ولَّى وجهَه قبلَ البيتِ، أَنْكَرُوا ذلك.

قال: وفي رواية: أنه ماتَ على القِبْلَةِ - قبلَ أَنْ تُحَوَّلَ - رجالٌ وقُتِلُوا (٤) فلم نَدْرِ ما نقول فيهم؟ فأنزل اللهُ عز وجل {ومَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} . [البقرة: ١٤٣] .

وفي أخرى: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَن يُوَجَّهَ إِلَى الكعْبةِ، فأنزلَ اللَّهُ عز وجل {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ} فتوجَّهَ نحو الكعبة، فقال السُّفَهاءُ - وهم اليهودُ -: {ما وَلَّاهم عن قِبْلَتِهِم التي كانوا عليها قلْ لِلَّهِ المشرقُ والمغربُ يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: ١٤٢] هذه رواية البخاري ومسلم.

وأخرجه الترمذي قال: لمَّا قدمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، صلَّى نحو بيت المقدس ستَّةَ - أو سبعةَ - عشرَ شهراً، وكان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فولِّ وَجْهكَ شَطْرَ المسجِدِ الحرامِ} فوُجِّه نحو الكعبة، وكان يحبُّ ذلك، فصَلَّى رجلٌ معهُ العصرَ، قال: ثم مرَّ على قومٍ من الأنصارِ وهم رُكوعٌ في صلاة العصرِ نَحو بَيْتِ المقدسِ. فقال: هو ⦗١٢⦘ يشهدُ أَنَّهُ صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وُجِّهَ إلى الكعبة، فانْحَرفوا وهم رُكُوعٌ.

وأخرجه النسائي قال: قدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فصلى نحو بيت المقدس ستَّةَ عشر شَهراً، ثمَّ إِنَّه وُجِّهَ إلى الكعبة، فمرَّ رجلٌ قد كانَ صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ من الأنصارِ، فقال: أشهدُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد وُجِّه إِلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة (٥) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(قِبَل البيت) أي: حذاءَه، وجهتَه التي تقابله.

(شطر الشيء) جهته ونحوه.


(١) قال الزركشي: شك من الراوي، وكلاهما صحيح، لأن هاشماً جد أبي رسول الله تزوج من الأنصار.
(٢) قال الحافظ: " أول " بالنصب لأنه مفعول " صلى "، وصلاة العصر كذلك على البدلية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه، أي: أول صلاة صلاها متوجهاً إلى الكعبة: صلاة العصر. وعند ابن سعد " حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر " على التردد، وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال: " صلينا أحد صلاتي العشي " والتحقيق: أن أول صلاة كانت في بني سلمة لما زار أم بشر بن البراء بن معرور وهي الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر لأهل قباء ...
(٣) هو عباد بن بشر، أو ابن نهيك.
(٤) قال الحافظ: ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير، وباقي الروايات إنما ذكر فيها الموت، وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس.
(٥) البخاري ١/ ٨٨ في الإيمان، باب الصلاة من الإيمان، وفي القبلة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، وفي تفسير سورة البقرة، باب {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} ، وباب قوله تعالى: {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات} وفي خبر الواحد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، وأخرجه مسلم رقم (٥٢٥) في المساجد، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، والترمذي رقم (٢٩٦٦) في التفسير، باب ومن سورة البقرة، والنسائي ١ / ٢٤٣ في الصلاة، باب فرض القبلة، وأخرجه ابن ماجة رقم (١٠١٠) في الصلاة، باب القبلة.. وفي هذا الحديث من الفوائد الرد على من ينكر تسمية أعمال الدين إيماناً، وفيه تمني تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذلك، وفيه بيان شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وكرامته على ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال، وفيه بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على إخوانهم، وفيه العمل بخبر الواحد لأن الصحابة الذين كانوا يصلون إلى جهة بيت المقدس تحولوا عنه بخبر الذي قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستقبل الكعبة وصدقوا خبره، وعملوا به في تحولهم عن جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١ - أخرجه أحمد (٤/٢٨٣) قال: حدثنا حسن بن موسى، والبخاري (١/١٦) قال: حدثنا عمرو بن خالد، وفي (٦/٢٥) قال: حدثنا أبو نعيم، ثلاثتهم -حسن، وعمرو، وأبو نعيم- عن زهير بن معاوية.
٢ - وأخرجه أحمد (٤/٣٠٤) قال: حدثنا وكيع. والبخاري (١/١١٠) قال: حدثنا عبد الله بن رجاء. وفي (٩/١٠٨) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. والترمذي (٣٤٠، ٢٩٦٢) قال: حدثنا هنّاد، قال: حدثنا وكيع. وابن خزيمة (٤٣٣) قال: حدثنا سَلْم بن جنادة، قال: حدثنا وكيع. كلاهما -وكيع، وعبد الله بن رجاء- قالا: حدثنا إسرائيل.
٣ - وأخرجه مسلم (٢/٦٥) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص.
٤- وأخرجه النسائي (١/٢٤٣، ٢/٦٠) قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق ابن يوسف الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة.
٥ - وأخرجه النسائي في الكبرى -تحفة الأشراف- (١٨٦٥) عن محمد بن حاتم بن نُعيم، عن حِبّان بن موسى، عن عبد الله بن المبارك. وابن خزيمة (٤٣٧) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي. كلاهما - ابن المبارك، والوهبي- عن شريك.
خمستهم -زهير، وإسرائيل، وأبو الأحوص، وزكريا، وشريك- عن أبي إسحاق، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>