للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٧٧ - (خ م دت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فاطمةَ في شكواه الذي قُبض فيه، فسارَّها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارَّها فضحكت، فسألتُها عن ذلك؟ فقالت: سارَّني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- أنه يُقْبَض في وجعه الذي تُوفي فيه، فَبَكَيْتُ، ثم سارَّني أني أولُ أهله يَتْبَعُه، فضحكتُ.

وفي رواية قال: «كنّ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- عنده لم يُغادِرْ منهنّ واحدة فأقبلتْ فاطمة تمشي، ما تُخْطئ مِشْيَتُها من مَشيةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-[شيئاً] ، فلما رآها رَحَّب بها، وقال: مَرْحَباً بابْنَتي، ثم أجْلَسَهَا عن يمينه - أو عن شماله - ثم سارَّها، فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جَزَعَها سارَّها الثانية، فضحكت، فقلتُ لها: خَصَّكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من بين نسائه بالسِّرار، ثم أنتِ تبكين؟ فلما قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سألتُها: ما قال لكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-؟ ⦗١٣٠⦘ قالت: ما كنتُ لأفْشِيَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- سِرَّه، قالت: فلما تُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قلتُ: عَزَمْتُ عليكِ بما لي عليك من الحق، لَمَا حَدَّثْتِني ما قال لكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، قالت: أمَّا الآن فنعم، أمَّا حين سارَّني في المرة الأولى، فأخبرني أن جبريل عليه السلام كان يُعارِضُه القرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا [قد] اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلفُ أنا لكِ، قالت: فَبَكَيْت بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جَزَعِي سارَّني الثانية، فقال: يا فاطمةُ، أما تَرْضَيْنَ أن تكوني سيّدةَ نساءِ المؤمنين - أو سيدةَ نساءِ هذه الأمة -؟ قالت: فضحكت ضحكي الذي رأيت» اللفظ لحديث مسلم.

وفي أخرى قالت: «لما كان يومُ الاثنين الذي تُوفِّي فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أصبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- كأنه وجَدَ خِفَّة، فَافْتَرق الناسُ عنه، واجْتمع نساؤه عنده، لم يُغادر منهنَّ امرأة، ثم أقْبَلَت فاطمة، فلا والله ما تخفى مِشْيَتُها من مِشْيَةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فلما رآها اسْتَبْشَرَ وتهلّل وجهُه، فسارّها فبكت، ثم سارها فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم أقْرَبَ فرحاً من بكاء، ثم سألتُها عما سارَّها به؟ فقالت: ما كنت لأفْشِيَ سِرَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سألتها، وقلت لها: بما لي عليك من الحق إلا ما أخبرتِني، فقالت: أسَرَّ إليَّ: أيْ بُنَيَّةُ، إن جبريل - عليه السلام- كان ⦗١٣١⦘ يُعارِضني بالقرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني به الآن مرتين، وما أُراني إلا قد اقترب أجلي، فلا تكوني دون امرأة صبراً، فَبَكَيْت، فقال: أما تَرْضَيْنَ أن تكوني سيدةَ نساءِ أهل الجنة، وأنَّكِ أوَّلُ أهلي لُحُوقاً بي؟ فضحكت» أخرجه البخاري ومسلم.

وفي رواية الترمذي قالت: «ما رأيت أحداً أشبه سَمْتاً ودَلاً وهدياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم- في قيامها وقعودها - من فاطمة بنتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قالت: وكانت إذا دخلت على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قام إليها، فقبَّلها وأجْلَسَها في مجلسه، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إذا دخل عليها قامت من مجلسها، فقبَّلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، دخلت فاطمةُ فأكبَّت عليه، فقبَّلتْه، ثم رفعت رأسها، فبكت، ثم أكبّت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت، فقلت: إن كنت لأظنُّ أنَّ هذه من أعْقَلِ نسائِنا، فإذا هي من النساء، فلما تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قلت لها: أرأيت حين أكبَبْت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فرفعتِ رأسكِ فبكَيْتِ ثم أكببتِ عليه، فرفعتِ رأسكِ فضحكتِ: ما حَمَلَكِ على ذلكِ؟ قالت: إني إذا لَبَذِرَة، أخْبَرَني أنه ميت من وجعه هذا فبكَيتُ، ثم أخبرني: أني أسْرَعُ أهله لُحُوقاً به، فذلك حين ضحكتُ» .

وأخرج أبو داود من رواية الترمذي إلى قوله: «وأجلسها في ⦗١٣٢⦘ مجلسه» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(لم يغادر) أي: لم يترك.

(بالسِّرار) السِّرار: المسارَّة.

(وتهلّل) تهلَّلَ وجهه، أي: استنار واستبشر.

(يعارضني القرآن) أي: يدارسني في كل عام مرة واحدة بجميع القرآن الذي نزل.

(عزمت عليكِ) أي: أقسمت.

(نِعْم السلف) السلف: الماضون، أي: نعم ما تقدَّم لك مني، لأن السلف: ما تقدَّم من الآباء والأجداد.

(لبَذِرَة) البَذِر: الذي يفشي السر، ويظهر ما يسمَعُه.


(١) رواه البخاري ٦ / ٤٦٢ في الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وفي الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسر صاحبه فإذا مات أخبر به، ومسلم رقم (٢٤٥٠) في فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، والترمذي رقم (٣٨٧١) في المناقب، باب مناقب فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وأبو داود رقم (٥٢١٧) في الأدب، باب ما جاء في القيام.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٧٧) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. وفي (٦/٢٤٠ و٢٨٢) قال: حدثنا يزيد بن هارون. والبخاري (٤/٢٨٤، ٥/٢٦) قال: حدثنا يحيى بن قزعة. وفي (٦/١٢) قال: حدثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي. ومسلم (٧/١٤٢) قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم. (ح) وحدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. والنسائي في فضائل الصحابة (٢٦٢) قال: أخبرني محمد بن رافع، قال: حدثنا سليمان بن داود.
ستتهم - يعقوب بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، ويحيى بن قزعة، ويسرة بن صفوان، ومنصور بن أبي مزاحم، وسليمان بن داود - عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، أن عروة بن الزبير حدثه، فذكره.
وبلفظ: «مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءت فاطمة فأكبت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسارها فبكت، ثم أكبت، عليه، فسارها فضحكت، فلما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- سألتها فقالت: لما أكببت عليه أخبرني أنه ميت من وجعه ذلك فبكيت، ثم أكببت عليه فأخبرني أني أسرع أهله به لحوقا، وأني سيدة نساء أهل الجنة إلامربم بنت عمران فرفعت رأسي فضحكت» .
أخرجه النسائي في فضائل الصحابة (٢٦١) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، فذكره.
وبلفظ: «اجتمع نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يغادر منهن امرأة، فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه، أو عن شماله، ثم إنه أسر إليها حديثا فبكت فاطمة، ثم إنه سارها فضحكت أيضا، فقلت لها: ما يبكيك؟ فقالت: ما كنت لافشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فقلت لها حين بكت: أخصك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديثه دوننا ثم تبكين؟ وسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة. وإنه عارضه به في العام مرتين، ولا أراني إلا قد حضر أجلي، وإنك أول أهلي لحوقا بي، ونعم السلف أنا لك. فبكيت لذلك، ثم إنه سارني فقال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟ فضحكت لذلك» .
أخرجه أحمد (٦/٢٨٢) قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة. والبخاري (٤/٢٤٧) . وفي الأدب المفرد (١٠٣٠) قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زكريا. وفي (٨/٧٩) قال: حدثنا موسى، عن أبي عوانة ومسلم (٧/١٤٢) و (١٤٣) قال: حدثنا أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين. قال: حدثنا أبو عوانة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن زكريا. (ح) وحدثنا ابن نمير، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا زكريا. وابن ماجة (١٦٢١) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن زكريا. والنسائي في فضائل الصحابة (٢٦٣) قال: أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا سعدان بن يحيى، عن زكريا. وفي الكبرى تحفة الأشراف (١٢/١٧٦١٥) عن محمد بن معمر، عن أبي داود، عن أبي عوانة.
كلاهما - زكريا بن أبي زائدة، وأبو عوانة - عن فراس، عن عامر الشعبي، عن مسروق، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>