للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٨٦ - (خ م ت س) عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنَّ النَّاسَ كانوا يتحرَّون هداياهم يوم عائشة يبتغون بها - أو يبتغون بذلك - مرضاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

وفي رواية عن عائشة قالت: «إن نساءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- كُنَّ حزبين، فحزب فيه: عائشة وحفصةُ وصفيةُ وسودةُ، والحزب الآخر: أمُّ سلمةَ وسائرُ أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، وكان المسلمون قد علموا حُبَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هديَّة يريد أن يُهديَها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أخَّرها، حتى إذا كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة ذهب صاحب الهدية بها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة، فكلَّم حزبُ أمِّ سلمة أمَّ سلمة، فقلن لها: كَلِّمي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يُكَلِّمُ الناس، فيقول: من أراد ⦗١٣٧⦘ أن يُهْدِي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- هدية فَلْيُهْدِ إليه حيثُ كان مِنْ نسائه، فَكَلَّمَتْهُ أمُّ سلمةَ بما قُلْنَ، فلم يقل لها شيئاً، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئاً، فقلن لها: كَلِّميه، قالت: فكلَّمْتُه حين دار إليها أيضاً، فلم يقل لها شيئاً، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئاً، فَقُلْنَ لها، كَلِّميه حتى يكلِّمَكِ، فدار إليها فكلَّمته، فقال لها: لا تؤذيني في عائشة، فإن الوَحْيَ لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة، قالت: فقلتُ: أتوبُ إلى الله مِنْ أذاك يا رسولَ الله ثم إنهنَّ دَعَونَ فاطمة بنتَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فأرسلنها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تقول: إن نساءك يسألْنَك العَدْلَ في بنت أبي بكر، فكلمتْهُ، فقال: يا بُنَيَّةُ، ألا تُحِبِّينَ ما أُحِبُّه؟ فقالت: بلى، فَرَجَعَتْ إليهن، فأخْبرَتْهُنَّ، فقلن: ارجِعِي [إليه] ، فأبت أن ترجع، فأرسَلْنَ زينبَ بنتَ جحش، فأتته فأغْلَظَتْ، وقالت: إن نساءك يَنْشُدنَكَ الله العدلَ في بنت أبي قحافة، فرفعتْ صوتها ثلاثاً، حتى تَنَاوَلت عائشةَ، وهي قاعدة، فَسَبَّتْها، حتى إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- لَيَنْظُرُ إلى عائشة: هَلْ تكلَّمُ؟ قال: فتكلمتْ عائشةُ تَرُدُّ على زينبَ، حتى أسكتتها، قال: فنظر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إلى عائشة، فقال: إنها ابنةُ أبي بكر» .

وفي أخرى قال: «كان الناس يَتَحَرَّون بِهدَاياهم يومَ عائشةَ، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أمِّ سلمةَ، فقلن: يا أم سلمة، إن الناس يتحرَّون ⦗١٣٨⦘ بهداياهم يوم عائشةَ، وإنا نريد الخير، كما تريدُ عائشةُ، فَمُرِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- أن يأمرَ الناس أن يُهدوا إليه حيثما كان، أو حيثما دار، قالت: فذكرت ذلك أمُّ سلمة للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قالت: فأعرض عني، قالت: فلما عادَ إليَّ ذكرتُ ذلك له، فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت ذلك له، فقال: يا أمَّ سَلمةَ: لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها» .

وفي أخرى قالت: «أرسل أزواجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فاطمةَ بنتَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فاستأذنت عليه وهو مضطجع في مِرْطي، فأذِن لها، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجَك أرْسَلْنَني يَسْألْنَك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا سَاكِتَة، قالت: فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أي بنيَّةُ، ألَسْتِ تُحِبِّينَ ما أحِبُّ؟ فقالت: بلى، قال: فأحِبِّي هذه، قالت: فقامت فاطمةُ حين سمعَتْ ذلك من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فرجعت إلى أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فأخْبَرَتْهُنَّ بالذي قالت، والذي قال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقلن لها: ما نُراكِ أغْنَيْت عَنَّا من شيء، فارجعي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقولي له: إن أزواجَك يَنْشُدنَكَ العدلَ في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمةُ: لا والله لا أكلِّمُه فيها أبداً، قالت عائشةُ: فأرسل أزواجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- زينبَ بنتَ جَحش، زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، وهي التي كانت تُسَامِيني منهنَّ في المنزلة عند ⦗١٣٩⦘ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ولم أرَ قَطُّ خيراً في الدِّين مِنْ زَيْنبَ، وأتْقَى لله، وأصْدَقَ حديثاً، وأوْصَلَ للرحم، وأعظمَ صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تَصَدَّقُ به، وتَقَرَّبُ به إلى الله عز وجل، ما عدا سَوْرَة من حَدٍّ كانت فيها، تُسْرِع منها الفَيئَةُ، قالت: فاستأذنت على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- مع عائشةَ في مِرْطها على الحال التي دَخَلَتْ فاطمةُ عليها وهو بها، فأذِنَ [لها] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ الله: إن أزواجك أرسَلنَني يسألْنَكَ العَدْلَ في ابنة أبي قحافة، قالت: ثم وقَعَتْ بي، فاستطالت عَليَّ، وأنا أرقُبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وأرقُبُ طَرْفَه، هل يأذن لي فيها؟ قالت: فلم تبرح زينبُ حتى عرفتْ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- لا يكره أن أنتصِر، قالت: فلما وقَعَتُ لم أنْشَبْها حتى أثْخَنت عليها - وفي رواية: لم أنشبْها أن أثخنتها غَلَبَة - فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، وتَبَسَّمَ: إنها ابنة أبي بكر!!» .

أخرج الأولى والثانية والثالثة البخاري، وأخرج مسلم الأولى والرابعة ولم يخرج البخاري من الرابعة إلا طرفاً تعليقاً، قال: قالت عائشةُ: «كنت عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فاستأذنت فاطمةُ» لم يزد. وأخرج الترمذي الرواية الثالثة، وأخرج النسائي الأولى والرابعة، وأخرج طرفاً من الثالثة، وهو قوله: «إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال لأم سلمة: يا أمَّ سلمةَ، لا تؤذيني في عائشةَ، فإنه ⦗١٤٠⦘ والله ما أتاني الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن، إلا هذه» (١) .

وله في أخرى قالت عائشةُ: «ما علمتُ حتى دخلت عليَّ زينبُ بغير إذن وهي غَضْبى، ثم قالت لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-: حَسْبُكَ إذ قَلَبتْ لَكَ ابنةُ أبي قحافة ذُرَيْعَتَيْها، ثم أقبلت عَليَّ، فأعرضت عنها حتى قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: دُونَك فانتصري، فأقْبَلْتُ عليها حتى رأيتُها قد يَبِسَ رِيقُها في فيها، ما تَرُدُّ عليَّ شيئاً، فرأيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- يتهلَّل وجهه» (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يتحرَّون) التحري: القصد والاعتماد للشيء، والاجتهاد في تحصيل الأمر المطلوب.

(مِرطي) المِرْط: الكساء من الخز والصُّوف يُتغَطَّى به.

(تساميني) المساماة: المناظرة والمناصبة، وهو مفاعلة من السُّمُوِّ، وهو العلوُّ. ⦗١٤١⦘

(سورة من حدّ) السَّورة: الوثوب والثوران، والحَدّ: الحِدّة في الإنسان.

(الفيئة) مثال الفيعة، بكسر الفاء: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان.

(لم أنشبها) أي: لم ألبَثها.

(وقعت به) إذا وقعت في عرضه وشتمته، من الوقيعة في الناس.

(أثخنت) الإثخان على الجريح: هو المبالغة في جرحه، وأثخنه المرض: إذا اشتد عليه، والإثخان أيضاً: التمكن من الشيء، فكأنها أرادت: أنها تمكنت منها وبالغت في جوابها.

(الذُّرَيعة) تصغير الذراع، ثم ثَنَّاها مصغَّرة، وأراد بها ساعديها.


(١) رواه البخاري ٧ / ٨٤ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل عائشة، وفي الهبة، باب قبول الهدية، وباب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض، ومسلم رقم (٢٤٤١) و (٢٤٤٢) في فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة رضي الله عنها، والترمذي رقم (٣٨٧٤) في المناقب، باب مناقب عائشة رضي الله عنه، والنسائي ٧ / ٦٥ - ٦٩ في عشرة النساء، باب حب الرجل بعض نسائه أكثر من بعض.
(٢) هذه الرواية لم نجدها عند النسائي، وهي عند أحمد في " المسند " ٦ / ٩٣ وابن ماجة رقم (١٩٨١) في النكاح، باب حسن معاشرة النساء، وفي سنده زكريا بن زائدة وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (٣/٢٠٣) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى. ومسلم (٧/١٣٥) قال: حدثنا أبو كريب. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (١٢/١٧٠٤٤) عن إسحاق بن إبراهيم.
ثلاثتهم - إبراهيم، وأبو كريب، وإسحاق - عن عبدة بن سليمان. قال: حدثنا هشام، عن أبيه، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها البخاري (٣/٢٠٤) قال: حدثنا سليمان حرب. وفي (٥/٣٧) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب. والترمذي (٣٨٧٩) قال: حدثنا يحيى بن درست بصري. والنسائي (٧/٦٨) . وفي فضائل الصحابة (٢٧٦) قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الصاغاني. قال: حدثنا شاذان.
أربعتهم - سليمان بن حرب، وعبد الله بن عبد الوهاب، ويحيى بن درست، وشاذان - عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>