للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومطلق الضبط الذي هو شرط الراوي، هو الضبط ظاهراً عند الأكثر، لأنه يجوز نقل الخبر بالمعنى، على ما سيأتي بيانه، فتلحقه تهمة تبديل المعنى بروايته قبل الحفظ، أو قبل العلم حين سمع، ولهذا المعنى قلت الرواية عن أكثر الصحابة -رضي الله عنهم - لتعذر هذا المعنى، فمن كان عند التحمل غير مميز، أو كان مُغَفَّلاً، لا يحسن ضبط ما حفظه ليؤديه على وجهه، فلا ثقة بقوله وإن لم يكن فاسقاً.

وهذا الشرط وإن كان على ما بينَّا، فإن أصحاب الحديث قلما يعتبرونه في حق الطفل دون المغفَّل، لأنه متى صح عندهم سماع الطفل، أو حضوره مجلس القراءة، أجازوا روايته، والأول أحوط للدِّين وأولى.

على أن الضبط في زماننا هذا، بل وقبله من الأزمان المتطاولة، قل وجوده في العالم، وعز وقوعه، فإن غاية درجات المحدث - في زماننا- المشهور بالرواية، الذي ينصب نفسه لإسماع الحديث في مجالس (١) ، النقل: أن تكون عنده نسخة قد قرأها أو سمعها، أو في بلدته نسخة عليها طبقة سماع، اسمه مذكور فيها، أو له مناولة، أو إجازة بذلك الكتاب، فإذا سمع عليه، استمع إلى قارئه، وكتب له خطه بقراءته وسماعه، ولعل قارئه قد صحف فيه أماكن لا يعرفها


(١) في المطبوع: ومجالس.

<<  <  ج: ص:  >  >>