إلا أن لأصحاب الحديث اصطلاحاً فيما يكتبونه للصغير، إذا كان طفلاً أو غير مميز، فإنهم يكتبون له حضوراً، ومتى كان ناشئاً مميزاً، كتبوا له سماعاً، ولقد كثر ذلك فيما بينهم حتى صاروا يكتبون الحضور للطفل الصغير جدّاً.
الشرط الثالث: الضبط (١)
وهو عبارة عن احتياطٍ في باب العلم، له طرفان.
طرف وقوع العلم عند السماع، وطرف الحفظ بعد العلم عند التكلم حتى إذا سمع ولم يعلم، لم يكن شيئاً معتبراً، كما لو سمع صياحاً لا معنى له، وإذا لم يفهم اللفظ بمعناه على الحقيقة، لم يكن ضبطاً، وإذا شك في حفظه بعد العلم والسماع، لم يكن ضبطاً.
ثم الضبط نوعان: ظاهر، وباطن.
فالظاهر: ضبط معناه من حيث اللغة.
والباطن: ضبط معناه من حيث تعلق الحكم الشرعي به، وهو الفقه.
(١) الضبط: هو إتقان ما يرويه الراوي بأن يكون متيقظاً لما يروي غير مغفل، حافظاً لروايته إن روى من حفظه، ضابطاً لكتابه إن روى من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه، وبما يحيل المعنى عن المراد إن روى بالمعنى، حتى يثق المطلع على روايته والمتتبع لأحواله بأنه أدى الأمانة كما تحملها، لم يغير منها شيئاً، وهذا مناط التفاضل بين الرواة الثقات، فإذا كان الراوي عدلاً ضابطاً كما شرحنا سمي ثقة. ويعرف ضبطه بموافقة الثقات الضابطين المتقنين إذا اعتبر حديثه بحديثهم، ولا تضر مخالفته النادرة لهم، فإن كثرت مخالفته لهم، وندرت الموافقة، اختل ضبطه ولم يحتج بحديثه.