للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥١٠ - (م د س) عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دَخَلْتُ المسجدَ، فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون إليه، فأتيتُهم، فجلست إليه، فقال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سفر، فنزلنا منزلاً، فمنا من يُصْلِحُ خِبَاءه، ومِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، ومنا مَنْ هو في جَشَرِه، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنه لم يَكُنْ نَبيّ قبلي، إلا كان حقاً عليه أن يدلّ أُمته على خير ما يعلمه لهم، ويُنذِرَهم شَرَّ ما يعلمه لهم، وإن أُمَّتكم هذه جُعِلَ عَافيتُها في أولها، وسيصيبُ آخرَها بلاء وأُمور تُنْكِرُونها، وتجيءُ فتنة فيُزِلقُ (١) بعضُها بعضاً، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مُهلكتي، ثم تنكشفُ، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحبَّ أن يُزَحْزَحَ عن النار، ويُدْخل الجنة، فلتأته مَنِيَّتُهُ وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحبُّ أن يؤتَى إليه، ومن بايَعَ إماماً فأعطاه صَفْقَةَ يده وثمرة قَلْبِهِ، فليُطِعْهُ ما استطاعَ، فإن جاء آخَرُ ينازعه فاضربوا عُنُقَ الآخرَ، قال: فَدَنَوْتُ منه، فقلتُ: أَنْشُدُكَ الله، أنتَ سَمِعتَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ فأهْوَى إلى أُذُنَيه وقلبه بيديه، وقال: سمعَتْهُ أُذنايَ، ووعاهُ قلبي، فقلت له: هذا ابن عَمِّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا ⦗٥١⦘ بالباطل، ونقتل أنفسنا، والله تعالى يقول: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالَكم بينكم بالباطلِ إلَاّ أن تكونَ تجارةً عن تَرَاضٍ مِنكم ولا تقتلوا أنفسَكم إنَّ الله كان بكم رحيماً} [النساء: ٢٩] فسَكَتَ عني ساعة، ثم قال: أَطِعهُ في طاعة الله، واعصِه في معصية الله» أخرجه مسلم.

وأخرج أبو داود طرفاً من آخره من قوله: «من بايَعَ إماماً ... » إلى آخره وقد ذكرنا هذا الطرف في «كتاب الخلافة» من حرف الخاء.

وأخرجه النسائي بطوله إلى قوله: «أنت سمعتَه من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: نعم» (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يَنْتَضِلُ) الانتضال: الرمي بالسهام.

(جَشَره) الجشر: المال من المواشي التي ترعى أمام البيوت والديار، وقال: «جَشَرٌ يرعى في مكانه لا يراجع إلى أهله» يقال: جَشَرنا دَوابَّنا: أخرجناها إلى المرعى نجشرها جشراً، ولا نروح إلى أهلنا.

(فيزلق) أزلقَتْ بعضها بعضاً: دَفَع بعضها بعضاً، كأن الثانية تزحم ⦗٥٢⦘ الأولى، لسرعة ورودها عليها، ويزلق بعضها بعضاً: يعجِّلها، والإزلاق: الإعجال، في هذا الحديث إخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم- بما لم يكن، وهو في علم الله أمر كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي، تحقيقاً لوقوعه وحدوثه، وفي إعلامه به قبل وقوعه دليلٌ من دلائل النبوة، وفيه دليل على ما وظَّفَهُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكفرة في الأمصار من الجزية ومقدارها.


(١) في نسخ مسلم المطبوعة: فيرقق، وفي بعض النسخ: فيرفق، وفي بعضها: فيدفق.
(٢) رواه مسلم رقم (١٨٤٤) في الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وأبو داود رقم (٤٢٤٨) في الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها، والنسائي ٧ / ١٥٣ في البيعة، باب ذكر من بايع الإمام وأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>