للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠١٥ - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال معْبَدُ بن هلال العَنزِي: «انطلقنا إلى أنس بن مالك، وتشفَّعنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلِّي الضحى، فاستأذنَ لنا ثابت، فدخلنا عليه، وأجلَسَ ثابتاً معه على سريره فقال له: يا أبا حمزة، إن إخوانكَ من أهل البصرة يسألونك أن تُحدِّثَهم حديث الشفاعة، فقال: حدَّثنا محمد - صلى الله عليه وسلم-، قال: إذا كان يومُ القيامة ماجَ الناسُ بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم، فيقولون: اشفع لذرِّيَّتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى، فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنه رُوح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، ⦗٤٧٨⦘ فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بمحمد، فأُوتى فأقول: أنا لها، ثم أنطلِقُ فأستأذِنُ على ربي، فيؤذنَ لي، فأقوم بين يديه، فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يُلهمَنيها، ثم أخرُّ لربنا ساجداً، فيقول: يا محمد، ارفع رأسكَ، وقل يُسْمَع لك، وسلْ تُعْطَه، واشفع تُشَفَّع، فأقول: يا رب أُمَّتِي أُمَّتي، فيقول: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من بُرَّة أو شعيرة من إيمان فأخرِجه منها، فأنطَلِقُ فأفعل، ثم أرجعُ إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرُّ له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسْمَع لك، وسل تُعْطه، واشْفَع تُشَفَّع، فأقول: يا ربِّ، أُمَّتي أُمَّتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي أحمده بتلك المحامد، ثم أخرُّ له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقلُ يُسمَعُ لك، وسَلْ تُعطَه، واشفع تُشَفَّع، فأقول: يا ربِّ، أُمَّتي أُمَّتي، فيقال لي: انطلِق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبَّة من خردل من إيمان فأخرِجه من النار، فأنطلق فأفعل» هذا حديث أنس الذي أنبأنا به، فخرجنا من عنده، فلما كنَّا بظهر الجبَّان، قلنا: لو مِلنا إلى الحسن فسلَّمنا عليه وهو مستخفٍ في دار أبي خليفة؟ قال: فدخلنا عليه، فسلَّمنا عليه، قلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة، فلم نسمع بمثل حديثٍ حدثَّناه في الشفاعة، قال: هيه، فحدَّثْناه الحديثَ، فقال: هيهِ، قلنا: ما زادنا؟ قال: قد حدَّثَنا به منذ عشرين سنة، وهو يومئذ جميع، ولقد ترك ⦗٤٧٩⦘ شيئاً ما أدري: أنسيَ الشيخ، أم كره أن يحدثكم فتتكلوا؟ قلنا له: حدثنا، فضحك، وقال: خُلِق الإنسان من عجل، ما ذَكرتُ لكم هذا إلا وأنا أُريد أن أحدِّثْكموه، قال: ثم أرجعُ إلى ربي في الرابعة، فأحمَدُه بتلك المحامد، ثم أخرُّ له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسمَع لك، وسل تعطَه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا ربِّ، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، قال: فليس ذلك لك، أو قال: ليس ذلك إليك، ولكن وعِزَّتي وكبريائي وعظمتي لأخرجنَّ منها من قال: لا إله إلا الله» قال: فأشهد على الحسن أنَّه حدَّثنا به أنه سمع أنسَ بن مالك - أُراه قال: قبل عشرين سنة - وهو يومئذ جميع.

وفي رواية قتادة عن أنس قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «يجْمَعُ الله الناسَ يوم القيامة، فيهتمُّون لذلك - وفي رواية: فيُلْهَمُون لذلك - فيقولون: لو استشفعنا إلى ربِّنا، حتى يُرِيحنا من مكاننا هذا؟ قال: فيأتون آدم، فيقولون: أنتَ آدمُ أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربك حتى يُرِيحنَا من مكاننا هذا، فيقول: لستُ هنَاكُم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربَّه منها، ولكن ائتوا نوحاً أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، قال: فيأتون نوحاً، فيقول: لستُ هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربَّه منها، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتون إبراهيم، فيقول: لستُ هناكم، وذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربَّه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلَّمه الله ⦗٤٨٠⦘ وأعطاه التوراة، قال: فيأتون موسى فيقول: لستُ هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربَّه منها، ولكن ائتوا عيسى رُوحَ الله وكلمته، فيأتون عيسى رُوحَ الله وكلمته، فيقول: لستُ هناكم، ولكن ائتوا محمداً، عبداً غفرَ الله له ما تقدَّم من ذَنبِه وما تأخر، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «فيأتونني، فأستأذن على ربي، فيؤذنَ لي، فإذا أنا رأيته وقعْتُ ساجداً، فيدَعُني ما شاء الله، فيقال: يا محمد، ارفع، قُلْ يُسْمَع، سل تُعْطَه، اشفع تشفَّع، فأرفعُ رأسي، فأحمد ربي بتحميد يُعلِّمُنيه ربِّي، ثم أشفع، فيُحَدُّ لي حداً، فأخرجُهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع يا محمد، قل يسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلَّمنيه، ثم أشفع، فيحدُ لي حداً، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة - قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة - فأقول: يا ربِّ، ما بقي في النار إلا من حبَسَه القرآن، أي وجب عليه الخلود» أخرجه البخاري ومسلم.

وأخرجه البخاري تعليقاً: عن قتادة عن أنس أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «يُحْبَس المؤمنين يوم القيامة ... » وذكر نحوه، وفي آخره: ما بقي في النار إلا من حَبَسَهُ القرآن - أي وجب عليه الخلود - ثم تلا هذه الآية {عَسَى أن يبعثكَ ربُّك مقاماً محموداً} [الإسراء: ٧٩] قال: وهذا المقام المحمود الذي وعُدَه نبيُّكم - صلى الله عليه وسلم- زاد في رواية: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «يخرج من ⦗٤٨١⦘ النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يَزِنُ بُرَّة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يَزِنُ ذَرَّة» .

قال يزيد بن زُريع: فلقيت شعبة، فحدَّثته بالحديث، فقال شعبة: حدَّثنا به قتادةُ عن أنس بن مالك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بالحديث، إلا أن شعبةَ جعَلَ مكان «الذَّرّة» «ذُرَة» قال يزيد: صَحّف فيها أبو بسطام، كذا في كتاب مسلم من رواية يزيد عن شعبة. قال البخاري: وقال أبان عن قتادة بنحوه. وفيه «من إيمان» مكان «خير» زاد في رواية: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال - في حديث سؤال المؤمنين الشفاعة - «فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذَن لي عليه» وللبخاري طرف منه عن حميد عن أنس قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا كان يومُ القيامة شفَعْتُ، فقلت: يا ربِّ، أدخل الجنةَ من كان في قلبه خرْدَلة، فيدخلون، ثم أقول: أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء. قال أنس: كأني أنظر إلى أصابع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يلهمنيه) الإلهام: ضرب من الوحي الذي يلقيه الله في قلوب عبادة الصالحين.

(الجبّان) والجبّانة: المقابر. ⦗٤٨٢⦘

(جَميعٌ) رجل جميع: أي مجتمع الخلق قوي، لم يهرم ولم يضعف.

(في داره) أي في حضرة قدسه. وقيل: في جنته، فإن الجنة تُسَمَّى دار السلام، والله هو السلام.


(١) رواه البخاري ١٣ / ٣٩٥ - ٣٩٧ في التوحيد، باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، وباب قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي} ، وباب قوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} ، وفي تفسير سورة البقرة، باب قول الله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} ، وفي الرقاق، باب صفة الجنة والنار، ومسلم رقم (١٩٣) في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (٩/١٧٩) قال: حدثنا سليمان بن حرب. ومسلم (١/١٢٥) قال: حدثنا أبو الربيع العتكي (ح) وحدثناه سعيد بن منصور. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (١٥٩٩) عن يحيى بن حبيب بن عربي.
أربعتهم - سليمان، وأبو الربيع، وسعيد، ويحيى - عن حماد بن زيد، قال: حدثنا معبد بن هلال، فذكره.
رواية النسائي ليس فيها حديث الحسن.
وفي الرواية الثانية:
١- أخرجه عبد بن حميد (١١٨٧) . والبخاري (٦/٢١ و٩/١٨٢) قالا: حدثنا مسلم بن إبراهيم. وفي (٩/١٤٩) قال آلبخاري: حدثني معاذ بن فضالة. ومسلم (١/١٢٥) قال حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن هشام، والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (٢٣٥٧) عن إبراهيم بن الحسن، عن الحارث بن عطية.
أربعتهم - مسلم، ومعاذ بن فضالة، ومعاذ بن هشام، والحارث - عن هشام الدستوائي.
٢- وأخرجه أحمد (٣/١١٦) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، والبخاري (٦/٢١) قال: قال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع. ومسلم (١/١٢٥) قال: حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا ابن أبي عدي. وابن ماجة (٤٣١٢) قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا خالد بن الحارث، والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (١١٧١) عن أبي الأشعث عن خالد.
أربعتهم - يحيى، ويزيد، وابن أبي عدي، وخالد- عن سعيد بن أبي عروبة.
٣- وأخرجه أحمد (٣/٢٤٤) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام.
٤- وأخرجه البخاري (٨/١٤٤) قال: حدثنا مسدد. ومسلم (١/١٢٣) قال حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، ومحمد بن عبيد الغبري.
ثلاثتهم - مسدد، وفضيل، الغبري - قالوا: حدثنا أبو عوانة.
أربعتهم - هشام، وسعيد، وهمام، وأبو عوانة - عن قتادة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>