للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠١٦ - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «كنّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- في دَعْوة، فرُفِع إليه الذِّراعُ - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة، وقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون: ممَّ ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُبْصِرُهم الناظر، ويسمَعُهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغمِّ والكرب ما لا يُطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه، فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفعُ لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بَلَغنَا؟ فقال: إن ربي غَضِبَ اليومَ غضباً لم يغْضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيتُ، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبُوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً، فيقولون: يا نوح، أنتَ أولُ الرسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبداً شكوراً، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفعُ لنا عند ربك؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضباً ⦗٤٨٣⦘ لم يغضب مثله، ولن يغضَب بعده مثله، وإنَّه قد كان لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبيُّ الله، وخليله من أهلِ الأرض، اشفع لنا إلى ربِّك، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنَّ ربي قد غضبَ اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنتُ كذبتُ ثلاث كَذَبات ... فذكرها - نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: أنت رسول الله، فضّلك برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضبَ اليومَ غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضبَ بعده مثله، وإني قد قتَلْتُ نفْساً لم أُومَرْ بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى، أنتَ رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمتَ الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى، إن ربي قد غضبَ اليومَ غضباً لم يغضبْ قبله مثله، ولن يغضبَ بعده مثله، ولم يذكُر ذنباً، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمداً - صلى الله عليه وسلم- وفي رواية: فيأتوني - فيقولون: يا محمد، أنت رسولُ الله وخاتم الأنبياء، قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلقُ، فآتي ⦗٤٨٤⦘ تحت العرش، فأقَعُ ساجداً لربّي، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحُسنِ الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسَك، سلْ تعطه، واشفع تُشفَّع، فأرفعُ رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمَّتي يا ربِّ، أمَّتي يا رب، فيقال: يا محمد، أدِخلْ من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنَّة، وهم شركاءُ الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وهَجَر - أو كما بين مكةَ وبُصْرى - وفي كتاب البخاري: كما بين مكة وحمير» .

وفي رواية: قال: «وُضِعتْ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قصعة من ثريد ولحم، فتناول الذراع - وكانت أحبَّ الشاة إليه - فنهس نهسة، فقال: أنا سيِّدُ الناس يوم القيامة، ثم نهسَ أخرى، فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، فلما رأى أصحابَه لا يسألونه، قال: ألا تقولون: كيفه؟ قالوا: كَيْفه يا رسول الله؟ قال: يقوم الناسُ لرب العالمين ... وساق الحديث بمعنى ما تقدَّم، وزاد في قصة إبراهيم، فقال: وذكر قوله في الكوكب: هذا ربي وقوله لآلهتهم: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله: إني سقيم، وقال: والذي نفس محمد بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى عِضادتي الباب لكما بين مكة وهَجر، أو هَجَر ومكة، لا أدري أيَّ ذلك قال» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، إلا أن في كتاب مسلم «نفسي نفسي» مرتين في قول كل نبي ⦗٤٨٥⦘ والحميديُّ ذكر كما نقلناه، وفي رواية الترمذي «نفسي، نفسي، نفسي» ثلاثاً في الجميع (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فنهس) النهس: أخذ اللحم بمقدَّم الأسنان.


(١) رواه البخاري ٦ / ٢٦٤ و ٢٦٥ في الأنبياء، باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} ، وباب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً} ، ومسلم رقم (١٩٤) في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، والترمذي رقم (٢٤٣٦) في صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه أحمد (٢/٣١) قال: حدثنا أبو النضر. قال: حدثنا حدثنا أبوعقيل أبي (٢/٤٣٥) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. والبخاري (٤/١٦٣) قال: حدثني إسحاق بن نصر، قال: حدثنا محمد بن بن عبيد. وفي (٤/١٧٢) قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر. قال: حدثنا أبو أسامة. وفي (٦/١٠٥) قال: حدثنا محمد بن مقاتل. قال: أخبرنا عبد الله. ومسلم (١/١٢٧) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير. واتفقنا في سياق الحديث إلا ما يزيد أحدهما من الحرف بعد الحرف. قالا: حدثنا محمد بن بشر. وابن ماجة (٣٣٠٧) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي (ح) وحدثنا علي بن محمد. قال: حدثنا محمد بن فضيل. والترمذي (١٨٣٧) وفي الشمائل (١٦٧) قال: حدثنا واصل بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد بن فضيل. وفي (٢٤٣٤) قال أخبرنا عبد الله بن المبارك. والنسائي - في الكبرى (تحفة الأشراف) (١٠/١٤٩٢٧) عن واصل بن عبد الأعلى، عن محمد بن فضيل (ح) وعن يعقوب بن إبراهبم الدورقي، عن يحيى بن سعيد.
سبعتهم - أبوعقيل، عبد الله بن عقيل، ويحيى بن سعيد، ومحمد بن عبيد، وأبو أسامة، حماد بن أسامة، وعبد بن المبارك، ومحمد بن بشر، ومحمد بن فضيل - عن أبي حيان التيمي.
٢- وأخرجه مسلم (١/١٢٩) قال: حدثني زهير بن حرب. قال: حدثنا جرير. عن عمارة بن القعقاع.
كلاهما - أبو حيان، وعمارة - عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة، وأثبتنا لفظ مسلم (١/١٢٧) .
فنهس: النهس: أخذ اللحم بمقدم الأسنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>