للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٣ - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: في قوله تعالى: {إلّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُم عَذاباً أَليماً} [التوبة: ٣٩] و {ما كانَ لأهْلِ المدينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يتَخَلَّفُوا عن رسولِ اللَّه} [التوبة: ١٢٠] قال: نَسَخَتْها {وما كان المؤمنون لِيَنْفِرُوا كافَّةً} [التوبة: ١٢٢] . أخرجه أبو داود (١) .


(١) رقم (٢٥٠٥) في الجهاد، باب نسخ تفسير العامة بالخاصة، وفي سنده علي بن الحسين، وقد قالوا فيه: ثقة له أوهام، وقد جنح غير ابن عباس، إلى أن الآيتين محكمتان، وأن قوله سبحانه: {إلا تنفروا يعذبكم} معناه: إذا احتيج إليكم، وهذا مما لا ينسخ، وقوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} محكم أيضاً، لأنه لابد أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلو دار الإسلام من المؤمنين فيلحقهم مكيدة، قال الإمام الطبري في تفسيره ١٤ / ٥٦٣، ٥٦٤ بعد أن ذكر قول من قال بالنسخ، وقول من قال بالإحكام: والصواب من القول في ذلك عندي أن الله عنى بها الذين وصفهم بقوله: {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم} ثم قال جل ثناؤه: {ما كان لأهل المدينة} الذين تخلفوا عن رسول الله ولا لمن حولهم من الأعراب الذين قعدوا عن الجهاد معه أن يتخلفوا خلافه، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ندب في غزوته تلك كل من أطاق النهوض معه إلى الشخوص، إلا من أذن له، أو أمره بالمقام بعده، فلم يكن لمن قدر على الشخوص التخلف، فعدد جل ثناؤه من تخلف منهم، فأظهر نفاق من كان تخلفه منهم نفاقاً، وعذر من كان تخلفه لعذر، وتاب على من كان تخلفه تفريطاً من غير شك ولا ارتياب في أمر الله، أو تاب من خطأ ما كان منه من الفعل، فأما التخلف عنه في حال استغنائه فلم يكن محظوراً، إذا لم يكن عن كراهة منه صلى الله عليه وسلم ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم إزاء إمامهم، فليس بفرض على جميعهم النهوض معه، إلا في حال حاجته إليهم، لما لا بد للإسلام وأهله من حضورهم واجتماعهم واستنهاضه إياهم، فيلزمهم حينئذ طاعته، وإذا كان ذلك معنى الآية، لم تكن إحدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن إحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوهه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن إحداهما ناسخة للأخرى.
وانظر " زاد المسير " لابن الجوزي ٣ / ٥١٥، ٥١٦ طبع المكتب الإسلامي، و " نواسخ القرآن " له أيضاً ورقة ٩٧، ٩٨.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود في الجهاد (١٩:١) عن أحمد بن ثابت المروزي، عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه، تحفة الأشراف (٥/١٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>