للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٢٨ - (خ د ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّ هلالَ بنَ أُميةَ قَذفَ امْرأَتهُ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَشريك بن سَحْمَاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةَ (١) ⦗٢٤٨⦘ أو حَدٌّ في ظَهرك» ، قال: يا رسولَ الله إذا رأَى أَحدُنا على امْرأتِهِ رَجلاً يَنطلقُ يلتمسُ البينةَ؟ فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: البينة، وإلا حدٌّ في ظهرك، فقال هلالُ: والذي بعثكَ بالحقِّ، إني لصادقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ الله ما يُبرئُ ظَهرِي من الحدِّ، فنزل جبريل عليه السلام، وأَنزل عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الْصَّادِقينَ. والْخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كان منَ الْكاذِبِينَ. وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهادَاتٍ باللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبينَ. والْخَامِسةَ أَنَّ غضب اللَّه عَليها إِنْ كان مِنَ الصادقين} (٢) [النور: ٦ - ٩]⦗٢٤٩⦘ فانصرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأرْسَلَ إليهما، فجاء هلالٌ فَشهد، والنبيُّ يقُولُ: إِنَّ اللهَ يعلمُ أنَّ أَحدَكُما كاذبٌ، فهلْ مِنكُما تائبٌ؟ ثم قامتْ فَشهدَتْ، فلما كانتْ عند الخامسةِ وقَفُوَها، وقالوا: إنها مُوجِبةٌ، قال ابن عباسٍ: فَتلكَّأت ونَكصتْ، حتَّى ظَنَنَّا أَنَّها تَرْجِعُ، ثم قالت: لا أَفْضحُ قَوْمي سائرَ الْيومِ فمضتْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبْصِرُوها، فإن جاءتْ به أكحل الْعَيْنَيْنِ، سَابغَ الألْيَتَيْن، خَدَلَّج السَّاقَيْن، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل لكان لي ولها شأْنٌ» . أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي.

وسيرد في كتاب «اللعان» من حرف اللام - أَحاديثُ في سببِ نُزولِ هذه الآيات عن ابنِ عباسٍ وغيره (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(قذف) القذف: رميُ الإنسان بالزنا، أو ما كان في معناه.

(موجبة) الموجبة: هي التي توجب لصاحبها الجنة أو النار.

(فتلكأت) التلكؤ: التوقف والتباطؤ في الأمر.

(نكصت) النكوص: الرجوع إلى وراء. ⦗٢٥٠⦘

(سابغ) الأليتين: ضخمها، تامهما.

(أكحل العينين) الكحَل في العين: هو سواد في الأجفان خلقة.

(خدلج الساقين) أي: ممتلئهما.

(لكان لي ولها شأن) أراد بقوله: «لكان لي ولها شأن» يعني: لولا ما حكم الله تعالى من آيات الملاعنة وأنه أسقط عنها الحد. لأقمت عليها الحد حيث جاءت بالولد شبيهاً بالذي رميت به.


(١) قال في " الفتح " ٨ / ٣٤١: قال ابن مالك: ضبطوا " البينة " بالنصب على تقدير عامل، أي: أحضر البينة، وقال غيره: روي بالرفع، والتقدير: إما البينة، وإما حد في ظهرك، وقوله في الرواية المشهورة " أو حد في ظهرك " قال ابن مالك: حذف منه فاء الجواب وفعل الشرط بعد " إلا "، والتقدير: وإلا تحضرها فحد في ظهرك، قال: وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر لكن يرد عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح.
(٢) قال الحافظ في " الفتح " ٨ / ٣٤١: كذا في هذه الرواية أن آيات اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية، وفي حديث سهل، أنها نزلت في عويمر - يعني العجلاني - ولفظه، فجاء عويمر فقال: يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلاً يقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فأمرهما بالملاعنة. وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع، فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال، ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضاً، فنزلت في شأنهما معاً في وقت واحد، وقد جنح النووي إلى هذا، وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد، ثم قال الحافظ: ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول، ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال، أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم. ولهذا قال في قصة هلال: فنزل جبريل، وفي قصة عويمر: قد أنزل الله فيك، فيؤول قوله: قد أنزل الله فيك، أي: وفيمن كان مثلك، وبهذا أجاب ابن الصباغ في " الشامل " قال: نزلت الآية في هلال، وأما قوله لعويمر: قد نزل فيك وفي صاحبتك، فمعناه: ما نزل في قصة هلال، ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى قال: أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته ... الحديث.
(٣) البخاري ٨ / ٣٤١ في تفسير سورة النور، باب {ويدرأ عنها العذاب} ، وفي الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وفي الطلاق، باب يبدأ الرجل بالتلاعن. وأبو داود رقم (٢٢٥٤) في الطلاق، باب في اللعان، والترمذي رقم (٣١٧٨) في التفسير، باب ومن سورة النور.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١-أخرجه أحمد (١/٢٣٨) (٢١٣١) قال: حدثنا يزيد. وفي (١/٢٤٥) (٢١٩٩) قال: حدثنا محمد بن ربيعة. و «أبو داود» (٢٢٥٦) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا يزيد بن هارون. كلاهما -يزيد، ومحمد بن ربيعة - قالا: حدثنا عباد بن منصور.
٢- وأخرجه أحمد (١/٢٧٣) (٢٤٦٨) قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا جرير. و «النسائي» في فضائل الصحابة (١٢٢) قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: حدثنا أبو الربيع.، قال: حدثنا حماد. كلاهما - جرير، وحماد - عن أيوب.
٣- وأخرجه البخاري (٣/٢٣٣و٦/١٢٦و٧/٦٩) . و «أبو داود» (٢٢٥٤) . و «ابن ماجة» (٢٠٦٧) ، «الترمذي» (٣١٧٩) قالوا: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، قال: حدثنا هشام بن حسان.
ثلاثتهم - عباد، وأيوب، وهشام - عن عكرمة، فذكره.
الروايات مطولة ومختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>