للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٣٠ - (خ) أمُّ رُومان (١) - رضي الله عنهما -: وهي أُمُّ عائشةَ -رضي الله عنها - قالت: بيْنا أَنا قاعدَةٌ أنا وعائشةُ، إذْ وَلَجت امرأَةٌ من الأنصار، فقالت: فعَلَ الله بفُلانٍ وفعَلَ، فقالت: أُمُّ رُومان: ومَا ذَاك؟ قالت: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيِثَ، قالت: وما ذاكَ؟ قالت: كذا وكذا، قالت عائشةُ: وسَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، قالت: وأبو بكرٍ؟ قالت: نعم، فَخرَّتْ مَغْشِيًّا عليها، فَما أفاقَت إلا وعليها حُمَّى بنافِضٍ، فطرَحْتُ عليها ثيابَها، ⦗٢٧٨⦘ فَغَطَّيْتُها، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما شأْنُ هذه؟» قُلْتُ: يا رسول الله، أَخذتْها الحُمَّى بنافِضٍ، قال: فلعلَّ في حديثٍ تُحُدِّثَ بَهِ؟ قالت: نعم، فقعدتْ عائشةُ، فقالت: واللهِ لئن حلَفتُ لا تُصدِّقوني، ولئن قلتُ لا تعذِروني، مثَلي ومثلُكم كيعقوبَ وبنَيه {واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} قالت: فانْصرفَ، ولم يقل لي شيئاً، فأنزل الله عُذْرها، قالت: بحمدِ اللهِ، لا بحمدِ أحدٍ، ولا بحمْدِكَ. أخرجه البخاري.

قال الحميدي، في كتاب «الجمع بين الصحيحين» : كان بعضُ مَن لقينا من الحفَّاظ البغداديِّين يقول: إِن الإرسالَ في هذا الحديثِ أبْيَنُ، واستدلَّ على ذلك بأنَّ أُمَّ رُومانٍ توفِّيتْ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. ومَسْرُوقُ بن الأجْدَعِ - راوي هذا الحديثِ عن أُمِّ رومانِ - لم يُشاهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بلا خِلافٍ (٢) .


(١) أم رومان: - بفتح الراء وضمها - هي أم عائشة وعبد الرحمن، ولدي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
(٢) ٧ / ٣٣٧ في المغازي، باب حديث الإفك، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة يوسف، باب {قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً} ، وفي تفسير سورة النور، باب قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} وقد استشكل قول مسروق: حدثتني أم رومان مع أنها ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومسروق ليست له صحبة، لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر. قال الحافظ: قال الخطيب: لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين (بن عبد الرحمن الواسطي) ومسروق لم يدرك أم رومان، وكان يرسل هذا الحديث عنها، ويقول: سئلت أم رومان، فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقاً، أو يكون بعض النقلة كتب: " سئلت " بألف فصارت " سألت " فقرئت بفتحتين، على أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب، يعني بالعنعنة، وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال، ولم يظهر له علة. وقد حكى المزي كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف ولم يتعقبه، بل أقره، وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان، وهو أشبه بالصواب. كذا قال. وهذه الرواية شاذة وهي من " المزيد في متصل الأسانيد " على ما سنوضحه، والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري، لأن عمدة الخطيب ومن ⦗٢٧٩⦘ تبعه في دعوى الوهم، الاعتماد على قول من قال: إن أم رومان ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع، وقيل: سنة خمس، وقيل: ست، وهو شيء ذكره الواقدي، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي، وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذي الحجة، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير، فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان: روى علي بن يزيد عن القاسم قال: ماتت أم رومان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست، قال البخاري: وفيه نظر، وحديث مسروق أسند، أي أقوى إسناداً وأبين اتصالاً. انتهى. وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقاً سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر، لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة، ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمداً على ما تقدم عن الواقدي والزبير، وفيه نظر لما وقع عند أحمد من طريق أم سلمة عن عائشة قالت: " لما نزلت آية التخيير، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال: يا عائشة إني عارض عليك أمراً فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان ... الحديث، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان، وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقاً، فهذا دال على تأخر موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدي والزبير أيضاً، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر، قال عبد الرحمن: وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم، وفيه عند المصنف (يعني البخاري) في الأدب، فلما جاء أبو بكر قالت له أمي: احتبست عن أضيافك ... الحديث، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد، وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها، لأنه روي أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه، وفي بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه على هذا الجامع الصحيح، والله المستعان. وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق والمطالع والسهيلي وابن سيد الناس، وتبع المزي الذهبي في مختصراته والعلائي في المراسيل وآخرون، وخالفهم صاحب " الهدي ".

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٣٧٦) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. قال: حدثنا أبو جعفر، يعني الرازي. وفي (٦/٣٦٧) قال: حدثنا علي بن عاصم. و «البخاري» (٤/١٨٣) قال: حدثنا محمد بن سلام. قال أخبرنا ابن فضيل. وفي (٥/١٥٤) و (٦/٩٦) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو عوانة، وفي (٦/١٣٢) قال: حدثنا محمد بن كثير. قال: أخبرنا سليمان.
خمستهم -أبو جعفر الرازي، وعلي بن عاصم، وابن فضيل، وأبو عوانة، وسليمان بن كثير - عن حصين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن مسروق بن الأجدع، فذكره.
(*) لفظ رواية سليمان بن كثير: «رميت عائشة خرت مغشية عليها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>