واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي: أولًا: بما روته عائشة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، وعن المعتوه حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ" (أ). ثانيًا: أنه لا عبرة لعقله قبل البلوغ، حتى صار تبعًا لغيره في أحكام الدين، وأنه لو صح إسلامه بنفسه كان ذلك منه فرضًا؛ لاستحالة القول بكونه مستقلًا في الإسلام، ومن ضرورة كونه فرضًا، أن يكون مخاطبًا بالإسلام، وهو غير مخاطب بالاتفاق (ب). المناقشة: أما حديث "رفع القلم عن ثلاث" فإنه يدل على أن هؤلاء يكتب لهم، ولا يكتب عليهم، وذلك لوجود أدلة كثيرة تبين هذا، ومنها: أن المريض -وقد يكون فاقد العقل- يكتب له ما كان يعمل صحيحًا معافى، ولا يكتب عليه شيء من السيئات بحمد الله تعالى. وأما تعليل الشافعي وزفر فهي أمور عقلية لا تصادم النص. ثمرة الخلاف: عند القول: بصحة إسلامه، فإن الإسلام يوجب عليه الزكاة في ماله، ويوجب عليه نفقة قريبه المسلم، ويحرم ميراث قريبه الكافر، ويفسخ نكاحه من الكافرة. وهذه أيضًا =