للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

[[الفرق بين الرحمن والرحيم]]

فإن قلت: ما الفرق بين الرحمن والرحيم؟

قلت: الرحمن فعلان من رحم، كغضبان من غضب، والرحيم فعيل من رحم، كسقيم من سقم؛ وفي الرَّحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، فلذلك قالوا: رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا (١)؛ لأن الزيادة في اللَّفظ لزيادة في المعنى، وإليه الإشارة في الكشاف (٢)، فيكون هذا من باب التتميم،


= القيامة، الآيتان: ٢٢، ٢٣] والأحاديث بها متواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص ٢١، الرسالة التدمرية ص ١٣٤، العقيدة الواسطية ص ٩٧، التحفة المهدية ص ١٣٦، تفسير ابن كثير ٢/ ٢٥٨، تفسير النسفي ٢/ ٣٧، معالم التنزيل ٤/ ٥٩٣.
(١) قال ابن كثير في التفسير ١/ ٣٣: "الرحمن، الرحيم، اسمان مشتقان من الرحمة، على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم ... وقال ابن عباس: هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر رحمة ... وقد زعم بعضهم أن الرحيم أشد مبالغة من الرحمن؛ لأنه أكد به، والمؤكد لا يكون إلا أقوى من المؤكد. والجواب أن هذا ليس من باب التأكيد، وإنما هو من باب النعت، ولا يلزم فيه ما ذكروه" ا. هـ.
وقال ابن القيم في بدائع الفوائد ١/ ٢٤: "وأما الجمع بين الرحمن والرحيم .. هو أن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته. وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [سورة الأحزاب، الآية: ٤٣]. {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة التوبة، الآية: ١١٧]. ولم يجيء قط رحمن بهم، فعلم أن رحمن، هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته، وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب، وإن تنفست عندها مرآة قلبك لم ينجل لك صورتها" ا. هـ.
قال في تيسير العزيز الحميد ص ٣١: "فالصواب إن شاء الله تعالى ما قاله ابن القيم".
(٢) قال في الكشاف للزمخشري ١/ ٦: "والرحمن: فعلان من رحم، كغضبان، وسكران من غضب، وسكر. وكذلك الرحيم فعيل منه، كمريض، وسقيم من مرض، وسقم، وفي =

<<  <  ج: ص:  >  >>