للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

والتكميل، لا من باب الترقِّي؛ لأن الترقي شرطُه من الأدنى إلى الأعلى، ولو كان ذلك، لقيل: بسم الله الرحيم الرحمن.

فإن قلت: ما معناهما من حيث اللغة؟

[[معني الرحمن والرحيم]]

قلت: قد علمت أنهما مشتقان من رحِم يرحَم رَحمةً، وهو التعطُّف، والحنوُّ. ومنه الرَّحِم؛ لانعطافها على ما فيها (١).

فإن قلت: كيف يجوز أن يوصَف الله بهذا المعنى؟

قلت: يكون مجازًا من إنعامه على عباده؛ لأن مآل التعطّف، والحنوّ يفضي إلى هذا (٢)،


= الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قالوا: رحمن الدنيا، والآخرة، ورحيم الدنيا، ويقولون: إن الزيادة في البناء، لزيادة المعنى".
(١) المخصص ١٧/ ١٥١، الجمل للزجاجي ص ١٠٤، الخزانة ٣/ ٤٥٦.
(٢) معتقد أهل السنة والجماعة: الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، ويؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله، وآياته، ولا يكيفون، ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه. وصفاته جل وعلا حقيقة لا مجاز فيها، ولو كانت أسماء الله وصفاته مجازًا يصح نفيها عند الاطلاق؛ لكان يجوز أن الله ليس بحي، ولا عليم، ولا قدير، ولا سميع، ولا بصير، ولا يحبهم، ولا يحبونه، ولا استوى على العرش ونحو ذلك.
ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، أنه لا يجوز إطلاق النفي على ما أثبته الله تعالى من الأسماء الحسنى، والصفات. بل هذا جحد للخالق، وتمثيل له بالمعدومات.
قال أبو عمر بن عبد البر: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن، والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة، لا على المجاز، وأهل البدع من الجهمية، والمعتزلة، والخوارج، ينكرونها، ولا يحملونها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقرّ بها مشبِّه، وهم عند من أقرّ بها نافون للمعبود، لا مثبتون. والحق فيما قاله =

<<  <  ج: ص:  >  >>