للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسؤر البغل، والحمار، مشكوك في طهوريته؛

منحة السلوك

[[السؤر المشكوك في طهوريته]]

قوله: وسؤر البغل، والحمار، مشكوك في طهوريته.

وسبب الشك: تعارض الخبرين في إباحة لحم الحمار، وحرمته (١).

ومعنى الشك: التوقف فيه، فلا يطهر النجس، ولا يتنجس الطاهر (٢).


(١) فسببه: تعارض الأدلة في إباحته، وحرمته، واختلاف الصحابة في نجاسته، وطهارته، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر يوم خيبر بإكفاء القدور من لحوم الحمر الأهلية، وقال: "إنه رجس" وروي عنه أنه قال: لأبجر بن غالب -حين قال له: ليس لي إلا حميرات-: "كل من سمين مالك".
وكان ابن عباس يقول: كل ما يعتلف القت، والتبن، فسؤره طاهر.
وكان ابن عمر يقول: إنه رجس؛ ولأنه يشبه الكلب من حيث أنه غير مأكول اللحم، ويشبه الهرة من حيث أنه يربط في الدُّور، والأفنية، لكن الضرورة فيه دون الضرورة فيها؛ لدخولها مضايق البيت، فأشبه الكلب، والسباع، فلما ثبتت الضرورة من وجه دون وجه، واستوى ما يوجب الطهارة، والنجاسة، تساقطا؛ للتعارض فصير إلى الأصل، وهو هنا شيئان: الطهارة في الماء، والنجاسة في اللعاب، وليس أحدهما بأولى من الآخر.
فتعارضت الأدلة فيه فوقع الشك، والشك في طهوريته؛ لأنه يشبه الهرة من الوجه الذي ذكرنا، فيكون طهورًا باعتباره، ويفارقها من حيث أنه لا يدخل المضايق، ولا يصعد الغرف، فكان البلوى فيه دونها في الهرة، فيخرج من أن يكون طهورًا باعتباره، فأوجب الشك في الطهورية؛ لأنه لو وجد الماء المطلق لا يجب عليه غسل رأسه، وكذا لبنه طاهر، وعرقه لا يمنع جواز الصلاة، وإن فحش فكذا سؤره.
حاشية رد المحتار ١/ ٢٢٦، تبيين الحقائق ١/ ٣٤، حاشية الشلبي ١/ ٣٤، الهداية ١/ ٢٥، بدائع الصنائع ١/ ٦٥.
(٢) فالمراد به: التوقف؛ لتعارض الأدلة. وكان أبو طاهر الدباس ينكر هذا القول، ويقول: لا يجوز أن يكون شيء من أحكام الشرع مشكوكًا؛ ولكن معناه: يحتاط فيه فلا يتوضأ به حالة الاختيار، وإذا لم يجد غيره يجمع بينه، وبين التيمم.
البناية شرح الهداية ١/ ١١٣، شرح فتح القدير ١/ ١١٣، حاشية الشلبي ١/ ٣٤، تبيين الحقائق ١/ ٣٤، الجوهرة النيرة ١/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>