للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منحة السلوك

وأما الثاني: فلتحيرهم في كنه عظمته (١).

وأما الثالث: فلتضرُّعهم إليه (٢).

وأما الرابع: فلأنه محتجب عن إدراك الأبصار، وإحاطة الأفكار (٣).


(١) الخلق غير مكلفين بالبحث عن كنه ذاته؛ ليتحيروا فيه بل معناه: أن يكون الوله من العباد إليه، أي يتوجه العباد إليه بالتأله، والعبادة.
ومذهب أهل السنة، والجماعة: أن كنه ذات الله من المتشابه، الذي لا يعلمه إلا هو قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة آل عمران، الآية: ٧] فصفات الله معانيها معلومة، أما كيفيتها: فغير معلومة، ولم نكلف بالبحث عنها.
ولما سئل الإمام مالك عن الاستواء قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وكذا قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، شيخ الإمام مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الإيمان، فبين أن الاستواء معلوم، وأن كيفية ذلك مجهولة. وبقية صفات الله يقال فيها ما قيل في الاستواء.
الرسالة التدمرية ص ٢٢٠، التحفة المهدية ص ٢٢١، اشتقاق أسماء الله ص ٢٧، تفسير ابن كثير ١/ ٥٢٠، الكشاف ١/ ٦، معنى لا إله إلا الله ص ١١٠.
(٢) ولجوئهم إليه؛ لأنه سبحانه المَفْزَع الذي يلجأ إليه في كل أمر.
لسان العرب ١٣/ ٤٦٩ مادة أله.
(٣) قوله جل وعلا: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [سورة الأنعام من الآية: ١٠٣] أي: لا تحيط به، وليس المعنى أي: لا تبصره، فالمنفي هو الإحاطة دون الرؤية، فإن نفي الرؤية ليس بصفة كمال، وإنما الكمال في إثبات الرؤية، ونفي إدراك الرائي له، إدراك إحاطة كما في العلم، فإن نفي العلم به ليس بكمال، وإنما الكمال في إثبات العلم، ونفي الإحاطة به علمًا، فهو سبحانه لا يحاط به رؤية، كما لا يحاط به علمًا، وقد دل القرآن الكريم على رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، كما في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة =

<<  <  ج: ص:  >  >>