للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرضاه-: أن سعادة الدنيا فانية، وسعادة الآخرة باقية، قال النبي عليه

منحة السلوك

وتوفيق الله لعباده، أن يجعل جميع أقوالهم، وأفعالهم موافقة لمحبته، ورضاه، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ويرشدهم إلى منهج قويم (١).

ومفعول "اعلم" قوله: "إن سعادة الدنيا فانية" وكلمة "إن" باسمها وخبرها، قد سدَّت مسد مفعولي اعلم.

وقوله: وفقك الله إلى آخره جملة دعائية معترضة، ولا شك أن سعادة الدنيا فانية؛ لأنا نعلم بعين اليقين فناء الخلق، وتغيرات الزمان، ونعلم بعلم اليقين أن سعادة الآخرة باقية؛ لما أن الله تعالى أخبر في كتابه الكريم في مواضع كثيرة، بأن عز الآخرة وسعادتها باقية، والعجب من العاقل كيف يختار الدنيا الفانية، على الآخرة الباقية؟ مع أنها ملعونة في لسان الشرع، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالمًا، أو متعلمًا" رواه ابن ماجه (٢) ولكن الحرص المُركَّب من الشهوة، والهوى جذبه إلى ذلك وأحبه إياها، ولو كانت دار الدنيا في الحقيقة من ذهب، ودار الآخرة من خزف (٣)، لكان العاقل يختار


(١) أي: مستقيم.
لسان العرب ١٢/ ٥٠٣ مادة قوم، مختار الصحاح ص ٢٣٣، مادة ق وم، القاموس المحيط ٣/ ٧١٩ مادة ق وم.
(٢) ٢/ ١٣٧٧، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا رقم ٤١١٢، ورواه أيضًا الترمذي ٧/ ٨٠، كتاب الزهد، باب الدنيا ملعون ما فيها إلا ذكر الله، أو عالم، أو متعلم رقم ٢٣٢٣، وذكره الدارقطني في العلل ١/ ٣١٩ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
قال الترمذي ٧/ ٨٠: هذا حديث حسن غريب.
ورمز له السيوطي في الجامع الصغير ص ٢٦٠، رقم ٤٢٨١ بالحسن.
(٣) الخزف: هو الطين المعمول آنية قبل أن يطبخ وهو الصلصال فإذا شوي فهو الفخار.
مختار الصحاح ص ٧٣، مادة خ ز ف، المغرب ص ٣٥٣، مادة الفخار، القاموس =

<<  <  ج: ص:  >  >>