فقد بدأت هذا العمل المبارك في المدينة النبوية اليوم الجمعة ١٦/ ١٢/ ١٤٣٨ هـ لأن من أنفس ما تُشغل به الأوقات وتستنفد فيه الأعمار بعد القيام بما فرض الله -عز وجل- من العبادات طلب العلم، وإذا أطلق لفظ العلم فالمراد به علم الكتاب والسنة، فهو أشرف العلوم، لما فيه من بيان ما فرض الله -عز وجل- على عباده من الطاعات، وصحة الاعتقاد، والمنهج الصحيح لعمارة الدنيا والآخرة، وهو علم الأنبياء والرسل عليهم السلام، ودعوتهم إلى الخير، حتى خُتموا بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد بعثه إلى الثقلين كافة: الإنس، والجن، فما ترك خيرا إلا أرشد أمته إليه إنسهم وجنهم، فآمن به فئام من الثقلين، وهو -صلى الله عليه وسلم- أكثر الأنبياء أتباعا، وأكثر أهل الجنة من أمته -صلى الله عليه وسلم-، دينه الإسلام خاتمة الأديان، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(١)، ومصدر العلم بالإسلام كتاب الله -عز وجل- المنزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ كتابٌ تكفل الله -عز وجل- بحفظه فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو كلام الله -عز وجل- منزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- غير مخلوق، والسنة كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو فعله أوتقريره، منهما استلهم العلماء الهداية والتوفيق، وتباروا في خدمة الكتاب العزيز حفظا وتلاوة وتفسيرا، والسنة النبوية تصحيحا وتحسينا وتضعيفا، وبناء على هذا المصدر الموحَّد من كتاب الله -عز وجل- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أقيمت الأحكام الفقهية إما على النص من الوحيين: الكتاب والسنة، أو من الكتاب وحده، أو من السنة وحدها، أو مما أجمع عليه السلف من الصحابة أو التابعين بعدهم، أو من قياس صحيح، فيسر الله حفظ الكتاب في الصدور،