للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكراهته اللقاء ما كان على ضد هذا المعنى من ركونه إلى الدنيا قد تضمن الحديث من تفسير اللقاء ما فيه كفاية وغنيةٌ عن غيره، وشرح هذا المعنى إنما هو إيثار العبد الآخرة على الدنيا، واختيار ما عند الله على ما بحضرته، فلا يركن إلى الدنيا، ولا يحب طول المقام فيها، لكن يستعد للارتحال عنها، ويتأهب للقدوم على الله تعالى.

وكراهته اللقاء ما كان على ضد هذا المعنى؛ من ركونه إلى الدنيا والاشتغال بشهواتها، وعدم التفطن إلى ما في الآخرة (١).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

١١٥٦ - بابٌ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ

٢٨٩٦ - (١) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ: سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي» (٢).

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، هو أبو طوالة ثقة ولي قضاء المدينة لعمر بن عبد العزيز، وأَبو الْحُبَابِ: سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، هو مولى الحسن بن علي رضي الله عنهما، ثقة كثير الحديث، وأَبو هُرَيْرَةَ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

قال ابن هبيرة رحمه الله: في هذا الحديث ما يدل على أن المتحابين بجلال الله، أي: في جلاله؛ لأن الباء ها هنا بمعنى في، فحروف الصفات ينوب بعضها عن بعض.

يظلهم الله في ظله؛ وذلك أن المتحابين استظلوا في الدنيا بظل الله، وكانوا حزبا وعصبة مستظلين بظله، فهو الذي كان في الدنيا حائلا بينهم وبين حرور الشهوات، وسموم الآفات، واستمر لهم ذلك الظل، وانتقل من المعنى إلى الصورة؛ فأظلهم يوم لا ظل إلا ظله في عرصة القيامة، ثم يستمر الظل عليهم أبدا من غير تقلص بحال


(١) أعلام الحديث شرح صحيح البخاري (٣/ ٢٢٦٢) بتصرف.
(٢) سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (٢٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>