للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما المبايعة على عدم الفرار، وعدمها على الموت، ففي الحقيقة أن المبايعة على عدم الفرار يتضمن المبايعة على الموت؛ لأن من لا يفر من العدو فهو معرض للموت، ولو لم يبايع عليه، وربما والله أعلم أن استثناء الموت من المبايعة ربما يكون فيه مندوحة في حال أن تكون الغلبة للعدو ولا مفر إلا محاولة النجاة بالنفس، والأولى الثبات ولو حصل الموت فمنازل الشهداء تستوعب من مات في سبيل الله -عز وجل-، ومن رجز الصحابة -رضي الله عنهم- يوم الخندق:

نحن الذين بايعوا محمدا … * * * … على الجهاد مابقينا أبدا

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٨٩٨ - بابٌ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ

٢٤٩٣ - (١) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ " (١).

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، والْبَرَاءُ ابْنُ عَازِب، -رضي الله عنه-.

الشرح:

هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرفع الخلق قدرا وأكرمهم عند الله -عز وجل- امتهن نفسه طاعة لله -جل جلاله-، وليكون قدوة لجند الله معه، ولأئمة المسلمين وقادة الجند، لما في ذلك من طاعة -عز وجل- والتواضع لمن معه ولا يربأ بنفسه عنهم، وذلك أمكن لقهر العدو وبذل النفس والنفيس لتحقيق النصر.


(١) رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (٢٨٣٧) ومسلم حديث (١٨٠٣) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث ١١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>