للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

قال ابن بطال رحمه الله: تنبيه أمته على مقدار عظيم نعمة الله على عباده في الصحة والكفاية؛ لأن المرء لا يكون فارغا حتى يكون مكيفا مؤنة العيش في الدنيا، فمن أنعم الله عليه بهما فليحذر أن يغبنهما، ومما يستعان به على دفع الغبن أن يعلم العبد أن الله تعالى خلق الخلق من غير ضرورة إليهم، وبدأهم بالنعم الجليلة من غير استحقاق منهم لها، فمن عليهم بصحة الأجسام وسلامة العقول، وتضمن أرزاقهم وضاعف لهم الحسنات ولم يضاعف عليهم السيئات وأمرهم أن يعبدوه ويعتبروا بما ابتدأهم به من النعم الظاهرة والباطنة، ويشكروه عليها بأحرف يسيرة، وجعل مدة طاعتهم في الدنيا منقضية بانقضاء أعمارهم، وجعل جزاءهم على ذلك خلودا دائما في جنات لا انقضاء لها، مع ما ذخر لمن أطاعه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فمن أنعم النظر في هذا كان حريا ألا يذهب عنه وقت من صحته وفراغه إلا وينفقه في طاعة ربه، ويشكره على عظيم مواهبه والاعتراف بالتقصير عن بلوغ كنه تأدية ذلك، فمن لم يكن هكذا وغفل وسها عن التزام ما ذكرنا، ومرت أيامه عنه في سهو ولهو وعجز عن القيام بما لزمه لربه تعالى فقد غُبن أيامه، وسوف يندم حيث لا ينفعه الندم، وقد روى الترمذي من حديث ابن المبارك، عن يحيى بن عبيد الله بن موهب، عن أبيه، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من أحد يموت إلا ندم»، قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟، قال: «إن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم ألا يكون نزع» (١)، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (٦٤١٢) والمراد الحث على حفظ الوقت والاستفادة من الصحة فيما ينفع في الدنيا والآخرة، والمغبون من فرط وضيع هاتين النعمتين فيما لا نفع فيه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

١١١٥ - بابٌ فِي حِفْظِ السَّمْعِ

٢٧٤٧ - (١) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِاللَّهِ- عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (١٠/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>