للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْحَرَام» هذا حث على اتقاء الشبهات؛ لأن حماية للدين من الوقع فيما لا يحل، وحماية للعرض من نقد الناس وثلبهم؛ لأن الوق في الشبهات لا ريب

أنه يقع في الحرام شعر أو لم يشعر.

قوله: «كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، فَيُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ» هذا مثل لإيضاح خطورة الاقتراب من الشبهات؛ لأنها وسيلة تفضي إلى الوقوع في الحرام، وهذا كراعي غنما أو إبلا يقترب من الحمى فلا يلبث أن يقع فيه؛ لأنه لم يتخذ الحيطة والحذر من ذلك.

قوله: «وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ «وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ» ثم ذكر ما هو معلوم عند كثير من الناس أن كل واحد من ملوك الأرض لابد وأن له قطعة من الأرض يمنعها من الآخرين، فإن حمى ملك الملوك -عز وجل- محارمه فيجب على كل مسلم الابتعاد عنها والحذر من الوقوع فيها ليسلم من العقوبة.

قوله «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (١) إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» لعل المراد بهذا التنبيه على الاهتمام بالحلال، حراسته من أن يفسده الوقوع في الحرام؛ لأن التمسك بالحلال سلطان على العمل، والقلب سلطان على البد فإذا فسد فسد البدن، والله أعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٩٦٣ - باب دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ

٢٥٦٩ - (١) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ: " قُلْتُ لِلْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ: مَا تَحْفَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أَدْري مَا هِيَ "، فَقَالَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» (٢).


(١) القطعة الصغيرة من اللحم، والحديث من جوامع الكلم، وهو أحد الأحاديث العظيمة التي عليها مدار الإسلام: هذا الحديث، وحديث إنما الأعمال بالنيات، وحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وحديث من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
(٢) رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (٥٧١١) وصححه الألباني، والترمذي حديث (٢٥١٨) وهذا طرف منه، وقال: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>