للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهادة على الظاهر والله يتولى السرائر، والمعاودة في كل صلاة ينبئ عن وازع ورغبة في الخير، ومن هنا يستحق أن يُشهد له بمعاودة المسجد في الصلوات، ولآية تضمنت الخبر عن المؤمنين مع أمرهم بعمارة المساجد؛ وهي قسمان: عمارة حسية: هي البناء والعناية بشؤون المساجد، وعمارة معنوية: هي الإيمان بالله -عز وجل- وهو أول أركان الإيمان، واليوم الآخر وفيه الإشارة إلى أهمية الإيمان بالبعث، ركنان عظيمان منبها بهما على ما سواهما من أركان الإيمان السته وفيهما خلوص القلب من أي اعتقاد ينقضهما، وكذلك الحال في العبادة البدنية الصلاة، والمالية الزكاة منبها بهما على ما سواهما من أركان الإسلام الخمسة، ثم ذكر أمرا هاما في الاعتقاد وهو عدم خشية غير الله -عز وجل-، منبها بذلك على كل ما ينقض التعلق بالله -عز وجل- في كل شيء، ومن ذلك الدعاء وطلب الغوث والمدد، وطلب الولد، وقضاء الحاجات، والتماس سعة الرزق وغير ذلك، وشتان بين العمارة الحسية والمعنوية، فالحسية يقبل فيها القصور، فقد يكفي في بناء المسجد ما يُكِن من الشمس والمطر، وقد بنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجده بلبِن الطين، وسقفه بخشب من النخل وسعف منه، فقام فيه خير خلق الله -عز وجل- مصليا بأفضل الناس بعده -صلى الله عليه وسلم- المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم-. أما العمارة المعنوية فلا يقبل فيها القصور أبدا، بل تطبق فيها أحكام الشرع خذو القذة بالقذة، اعتقادا وقولا وعملا، ومن قصر في شيء من ذلك مع القدرة حوسب بما يقضي به الشرع في الواقعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

١٢٦١ - (٢) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ. قَالَ: وَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» (١).

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، أَبو سَهْلٍ، هو عثمان بن حكيم، هم أئمة ثقات تقدموا.


(١) رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>