للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحضرميين وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: " لا يُسأل عن مثله "، وزَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

كان الصحابة -رضي الله عنهم- شديدي التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرونه في كل أحواله، فما يعمل عملا إلا ويسارعون بالاقتداء به -رضي الله عنهم-، روى زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فقال: " احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجيرة مخصفة، أو حصيرا، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي فيها، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، ثم جاءوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم مغضبا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " «ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» (١)، وهذا من رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالأمة، فقد كاد حرص أصحابه -رضي الله عنهم- على الصلاة معه نافلة أن يؤدي بفرض ذلك عليهم ثم لا يطيقون، فكان غضبه شفقة عليهم، وأرشدهم إلى ما هو أفضل وأرفق بهم صلاة النافلة في البيوت، وبشرهم أن ذلك خير من صلاتها في المسجد، أما صلاة الفريضة فخيريتها أن تصلى في المسجد؛ لأن الفريضة لا يتطرق إليها احتمال الريا، بخلاف النافلة فمن يحرص عليها مع عدم لزومها، يخشى عليه من الرياء في ذلك، فكان أداؤها في البيت أخفى وأبعد عن الريا؛ لأنه حينئذ إن شاء صلى وإن شاء ترك، وبصلاتها في البيت تحل البركة فيه، وتحضره الملائكة، ولا يكون للشيطان فرصة للبقاء في بيت تقام فيه الصلاة، ولاسيما إذا كانت الصلاة في وقت نزول الرحمن -عز وجل- حين يقول:

«هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟» (٢).


(١) البخاري حديث (٦١١٣).
(٢) رجاله ثقات، انظر ما سبقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>