للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

هذا رسول الله -عز وجل- أقام بمكة عشرا يقصر الصلاة، ولماَّ فتح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مكَّة أقام فيها سبع عشرة يصلِّي ركعتين، وأقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة، وهذا يؤيد ما نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه قال: لم يرد تحديد مدة القصر، لا مسافة ولا زمنًا، وأن هذا أمر يرجع إلى العادة والعرف، فما سماه الناس سفرًا فهو سفر، وما لم يسموه سفرًا فليس بسفر. واعتبار الأحوال في ذلك أمر تجب مراعاته فمن سافي إلى بلد لقضاء حاجة فإنه بين حالتين:

الأولى: أن يجهل مدة البقاء لقضائها، فله القصر مطلقا حتى يقضي حاجته وإن طالت المدة، وله أن يجمع فقد فعل ذلك رسول الله في تبوك لبيان الجواز، والأولى أن يصلي كل صلاة في وقتها عملا بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منى.

والثانية: أن يعلم أنه سيقضي حاجته في أيام فله أربعة أيام يقصر فيها، وما زاد عنها فحكمه حكم المقيم يتم كل صلاة وفي وقتها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

١٥٥٠ - (٢) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلَاءِ ابْنِ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مُكْثُ الْمُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثٌ» (١).

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، وابْنِ جُرَيْجٍ، وإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو ابن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو محمد مدني إمام ثقة حجة، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، هو أبو عبد الرحمن مدني متفق على توثيقه، روى له الستة، هم أئمة ثقات تقدموا، والسَّائِبُ ابْنُ يَزِيدَ، هو من صغار الصحابة، والْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، -رضي الله عنه-.

الشرح: المراد بعد الانتهاء من أيام منى والانصراف إلى مكة، فإن البقاء فيها ثلاثة أيام وينصرف إلى المدينة؛ لأن المهاجرين إلى المدينة حرم الله عليهم العودة إلى مكة


(١) رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (٣٩٣٣) ومسلم حديث (١٣٥٢) وعنده صرح ابن جريج بالتحديث، وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث ٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>