للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْتَعْمَلَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «فَهَلاَّ قَعَدْتَ في بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا؟». ثُمَّ قَامَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَهَلاَّ قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيراً جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ».

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَيْهِ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي مِنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَلُوهُ ".

رجال السند:

أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ السَّاعِدِيِّ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

العامل هو عبد الله بن اللتبية، وفي هذا تحذير لكل من يتولى عملا للدولة من قبول الهدايا؛ لأن قبولها ينافي النزاهة، ويوقع في الشبهة، وهذا العامل رضي الله عنه غفل عن هذا المعنى ولذلك نبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الباعث على الإهداء ليس مودة ولا محبة لله -عز وجل-، بل لكونه ولي عملا عاما قد يجني من وراء الهدية ما لا يجوز له، وبرهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذا بقوله: «فَهَلاَّ قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟»، ولا يعارض هذا ما حدث لأبي هريرة مع عمر رضي الله عنهما؛ لأنه كسب لا شبهة فيه.

وقد استعمله عمر بن الخطاب على البحرين في أيام إمارته، وقاسمه مع جملة العمال، إذ شك عمر -رضي الله عنه- في المال الذي استأثر به أبو هريرة -رضي الله عنه- وهو أميره على البحرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>