للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلمين مائة دارع، وكان عددهم ألف مقاتل، فانخذل عبد الله بن أبي ورجع ومعه ثلاثمائة، وكان على ميمنة خيل المشركين خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة ابن أبي جهل، وعلي المشاة صفوان بن أمية. وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرماة عبد الله بن جبير الأوسي، وكان عددهم خمسين رامياً أقامهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على الجبل المعروف بجبل الرماة، وقال لهم: احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا هزمنا القوم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، ونشب القتال، ولم يزل حملة اللواء يقتلون واحداً بعد الآخر حتى أصبح اللواء طريحاً على الأرض فحملته امرأة؛ وهي عمرة بنت علقمة الحارثية وكان عدد الذين قتلوا من حملة اللواء أحد عشر رجلاً، فتفرّق جيشهم إلى كتائب متعددة، وانهزم المشركون. غير أن المسلمين اهتموا بالغنائم، وطمع الرماة في الغنيمة، وأسرعوا إلى الغنائم يأخذونها قائلين الغنيمة الغنيمة، وذكَّرهم أميرهم عبد الله بن جبير -رضي الله عنه- بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم أن لا يبرحوا الجبل، فلم يلتفتوا إليه، وذهبوا لجمع الغنائم فلما وقع ذلك منهم، نظر خالد بن الوليد إلى مؤخرة الجيش، فرأى الجبل خالياً، ولم يبق عليه سوى القليل فكر بخيله عليهم، فقتل عبد الله بن جبير ومن معه، وهاجم مؤخرة الجيش فارتبك المسلمون، وصار يضرب بعضهم بعضاً، ووقعت الهزيمة فيهم، فأصيب منهم سبعون قتيلاً، وشاع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قتل، ووصلت هذه الإشاعة إلى أبي سفيان، فأراد أن يتأكد من ذلك، فنادى بأعلى صوته أفي القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم عمر؟ فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يجيبوه، فلما لم يسمع منهم جواباً قال: إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يقدر عمر أن يسيطر على نفسه، ويمنعها عن الإِجابة، فقال لأبي سفيان: " كذبت يا عدوَّ الله " أي كذَّب الله ظنك، وخيَّب أملك " وأبقى الله عليك ما يحزنك " وهو بقاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأراد أبو سفيان أن يعبر عن فرحه وسروره واعتزازه بآلهتهم الباطلة، فقال: أعل هبل؟، أي: زدت عزاً ورفعة وعلواً يا هبل بانتصارنا على محمد وأصحابه، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين أن يجيبوه بقولهم: " الله أعلى وأجل" فأراد أبو سفيان أن يفاخر المسلمين ببعض أسماء آلهتهم، وأنهم ليس لهم مثلها فقال: " لنا العزى ولا عزى لكم " فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجيبوه بقولهم: " الله مولانا ولا مولى لكم"، أي: الله ناصرنا ولا ناصر لكم، عند ذلك قال أبو سفيان: " يوم بيوم بدر"، أي: هذا اليوم مقابل يوم بدر، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أصاب منهم يوم بدر

<<  <  ج: ص:  >  >>