للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

المراد أنه طلقها طلاق السنة، فلا يفهم أن الثلاث بلفظ واحد، وقد أو ضحت الروات المراد بجلاء، فقد جاء في رواية " أنه طلقها البته " وفي رواية " طلقها آخر ثلاث تطليقات " وفي رواية " طلقها طلقة كانت بقيت من طلاقها " وفي رواية " طلقها " فيحمل المطلق على المقيد، وهو طلاق السنة، على هذا صح قول عمر -رضي الله عنه-.

واختلف العلماء رحمهم الله في حديث فاطمة هذا، والخلاصة: أن على الزوج السكنى مدة العدة، وأما السكنى مدة الزوجية فلا يسأل عن مثله؛ لاتفاق الجميع على أن السكنى مدة الزوجية على الزوج، وأما في مدة العدة، فإن كان الطلاق رجعيا أو بائنا فالسكنى على الزوج، ولا خلاف بين الفقهاء في الطلاق الرجعي، وإن اختلفوا في البائن، والدليل قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (١)، والأمر يقتضي الوجوب، وإنما خوطب بذلك من طلق، وكان الإنفاق والسكنى لازمين للزوج قبل الطلاق، فلما أمر بالسكنى بعد الطلاق علم أن حكمه بعد الطلاق غير حكم الإنفاق؛ لأن للزوجة إسقاط النفقة قبل الطلاق وبعده، وليس لها إسقاط السكنى ولا نقله عن محله، وقد روي عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: أن المبتوتة لها النفقة مع السكنى، قال عمر -رضي الله عنه-: المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة، ولا نجيز قول امرأة في دين المسلمين، وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: المطلِّق ثلاثا لا يُجبر على النفقة، فلعل الذي قال عمر -رضي الله عنه- إنما أراد به الحامل، ولذلك قال: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم نسيت، والذي في كتاب الله تعالى للمطلقة إنما هو السكنى، وأما النفقة فتختص بالحامل، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢).

قال الدارمي رحمه الله تعالى: ٢٣١٢ - (٢) أَخْبَرَنَا يَعْلَى (٣)، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: " أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثاً، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَعْتَدَّ


(١) من الآية (٦) من سورة الطلاق.
(٢) من الآية (٦) من سورة الطلاق، وانظر المنتقى شرح الموطأ (٤/ ١٠٣) بتصرف.
(٣) في بعض النسخ الخطية " معلى " وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>