قوله:«أُعْطِيتُ خَمْساً» أي خمس خصال، وليس المراد الحصر في هذا بل الخصائص كثيرة، وروي منها ستٌّ، وروي ثلاثٌ، وروي أكثر من سبع، إنما ذكر مرة ستا ومرة خمسا ومرة أربعا ومرة ثلاثا بحسب ما تدعو الحاجة إلى ذكره في كل وقت بحسبه، وهذه من خصائص رسول الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد أعطاه الله -عز وجل- الشمول في الرسالة ودعوة الأحمر وهم العجم ذكروا بألوانهم، والأسود وهم العرب وشملت رسالته الثقلين الإنس والجن، ولم يكن هذا للرسل قبله عليهم السلام.
قوله:«وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً» وزاد في رواية عن جابر -رضي الله عنه- «فأيما رجل من أمتي أدركته الصَّلاة فليصل» المراد إن كان معه الماء، وإن لم يكن فالتراب طهوره يتيمم ويصلي على الأرض من غير فراش، فالأرض مسجده، ولم يكن هذا جائزا في الشرائع السابقة.
وقوله:«وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي» المراد أن الغنائم الناتجة عن جهاد الكفار هي كسب أحله الله -عز وجل- لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته، ولا ينقص أجر الجهاد بالحصول على الغائم، إلا من كان قاصدا لها وخارجا لأجلها، فهذا له ما نوى، وانظر ما تقدم برقم ٢٤٣٣.
قوله:«وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْراً: يُرْعَبُ مِنِّي الْعَدُوُّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» المراد أن الله -عز وجل- قذف الخوف في قلوب أعدائه، فهم يتناقلون خبر وبينهم وبينه مسيرة شهر.
قوله:«وَقِيلَ لِي سَلْ تُعْطَهْ» المراد قيل له ذلك في الدنيا فلم يتعجل ذلك أخبر -صلى الله عليه وسلم- الأمة فقال:«فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي» هذا من رحمته -صلى الله عليه وسلم- بأمته، وحرصه على دخولهم الجنة، ونجاتهم من النار، اللهم إنا نسألك قبول دعوته وشمولها لنا وللأمة يا ذا الجلال والإكرام، وقد بشرنا بذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم- فقال والخطاب لأصحابه ولأمة المؤمنون به -صلى الله عليه وسلم-: «وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً» نعوذ بالله من الشرك، الله الله ربي لا أشرك به شيئا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.