للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، هما ثقتان تقدما، وعُثْمَانَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، هو حفيد صخر، مقبول، وصَخْرُ بْنُ عَيْلَةِ، -رضي الله عنه-.

الشرح:

أخرج أبو داود رحمه الله القصة بسند عن صخر -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا ثقيفا، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فوجد نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قد انصرف، ولم يفتح فجعل صخر يومئذ عهد الله وذمته ألا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقيفا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل إليهم وهم في خيل، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات: «اللهم بارك لأحمس، في خيلها ورجالها» وأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا نبي الله، إن صخرا أخذ عمتي، ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه، فقال: «يا صخر، إن القوم إذا أسلموا، أحرزوا دماءهم، وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته» فدفعها إليه، وسأل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ماءً لبني سليم قد هربوا عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء؟، فقال: يا نبي الله، أنزلنيه أنا وقومي، قال: «نعم» فأنزله وأسلمَ - يعني السُّلميين - فأتوا صخرا فسألوه أن يدفع إليهم الماء، فأبى، فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا نبي الله؟، أسلمنا وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فأتاه، فقال: «يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم» قال: نعم يا نبي الله، فرأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية، وأخذه الماء (١).

قال الخطابي رحمه الله: يشبه أن يكون أمره برد الماء عليهم إنما هو على معنى استطابة النفس عنه، ولذلك كان يظهر في وجهه أثر الحياء، والأصل أن الكافر إذا هرب عن مال له فإنه يكون فيئا، فإذا صار فيئا وقد ملكه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جعله لصخر فانه لا ينتقل عنه ملكه إليهم باسلامهم فيما بعد، ولكنه استطاب نفس صخر عنه، ثم رده عليهم تألفا لهم على الإسلام وترغيبا لهم في الدين، والله أعلم.


(١) أبو داود حديث (٣٠٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>