للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أَنَا (١) خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّي» (٢).

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، وسُفْيَانُ، والأَعْمَشُ، وأَبو وَائِلٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ -رضي الله عنه-.

الشرح:

يحتمل هذا أحد تأويلين:

الأول: ألا يزعم أحد من الناس أنه خير من يونس بن متى -عليه السلام-؛ لأنه أخطأ قال الله -عز وجل-: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (٣).

والثاني: أن يكون أراد نفسه -صلى الله عليه وسلم- فنهي أن يفضله أحد على يونس بن متى -عليه السلام-، وهذا من تواضعه -صلى الله عليه وسلم- ومعلوم أنه سيد البشر كافة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم» (٤)، قال الخطابي رحمه الله: " إنما هو إخبار عما أكرمه الله به من الفضل والسؤدد، وتحدث بنعمة الله عليه، واعلام لأمته وأهل دعوته مكانه عند ربه، ومحله من خصوصيته؛ ليكون إيمانهم بنبوته واعتقادهم لطاعته على حسب ذلك، وكان بيان هذا لأمته وإظهاره لهم من اللازم له والمفروض عليه.

فأما قوله في يونس صلوات الله عليه وسلامه فقد يتأول على وجهين:

أحدهما: أن يكون قوله ما ينبغي لعبد إنما أراد به من سواه من الناس دون نفسه.

والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاماً مطلقاً فيه وفي غيره من الناس، ويكون هذا القول منه على الهضم من نفسه وإظهار التواضع لربه، يقول لا ينبغي لي أن أقول أنا خير منه؛ لأن الفضيلة التي نلتها كرامة من الله سبحانه، وخصوصية منه لم أنلها من قبل نفسي، ولا بلغتها بحولي وقوتي، فليس لي أن أفتخر بها وإنما يجب علي أن أشكر عليها ربي، وإنما خص يونس بالذكر فيما نرى والله أعلم لما قصه الله تعالى علينا من شأنه، وما كان من قلة صبره على أذى قومه، فخرج مغاضباً ولم يصبر كما صبر أولو


(١) في بعض النسخ الخطية " إني " وهي رواية البخاري.
(٢) رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (٣٤١٢).
(٣) من الآية (٨٧) من سورة الأنبياء.
(٤) السنة لابن أبي عاصم حديث (٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>