للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُوعَكُ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ (١) وَعْكاً شَدِيداً، فَقَالَ: «إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ» قَالَ: قُلْتُ: ذَلِكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ "، قَالَ: «أَجَلْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلاَّ حُطَّ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» (٢).

رجال السند:

يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، والْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، هو أبو عائشة التيمي، كوفي تابعي إمام ثقة حجة، روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود -رضي الله عنه-.

الشرح:

قال ابن بطال رحمه الله نقلا عن الطبري رحمه الله: قال الطبري: اختلف العلماء في هذا الباب فقالت طائفة: لا أحد من يني آدم إلا وهو يألم من الوجع ويشتكى المرض؛ لأن نفوس بنى آدم بنيت على الجزع من ذلك والألم، فغير قادر أحد على تغييرها عما خلقها الله بارئها، ولا كلف أحد أن يكون بخلاف الجبلة التي جبل عليها، وإنما كلف العبد في حالة المصيبة أن يفعل ماله إلى ترك فعله سبيل، وذلك ترك البكاء على الرزية والتأوه من المرض والبلية، فمن تأوه من مرضه أو بكى من مصيبة تحدث عليه، أو فعل نظيرا لذلك فقد خرج من معانى أهل الصبر، ودخل في معاني أهل الجزع، وممن روى ذلك عنه مجاهد، وطاوس، قال مجاهد: يكتب على المريض ما تكلم به حتى الأنين، وقال ليث: قلت لطلحة بن مصرف: إن طاوسا كره الأنين في المرض، فما سمع لطلحة أنين حتى مات، والعلماء اعتلوا لقولهم بإجماع على كراهة شكوى العبد ربه على ضر ينزل به، أو شدة تحدث به، وشكواه ذلك إنما هو ذكره للناس ما امتحنه به ربه -عز وجل- على وجه الضجر به (٣).


(١) تؤلم من شدة المرض.
(٢) رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (٥٦٤٧) ومسلم حديث (٢٥٧١) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث ١٦٦٢).
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٩/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>