للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دِيناً، وَإِنَّهُ لَبِثَ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ عُمُرٌ وَبَقِىَ عُمُرٌ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْراً، فَدَعَا بَنِيهِ فَقَالَ: أَيُّ أَبٍ تَعْلَمُونِي؟، قَالُوا: خَيْرُهُ (١) يَا أَبَانَا، قَالَ: فَإِنِّي لَا أَدَعُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَالاً هُوَ مِنِّي إِلاَّ أَخَذْتُهُ، أَوْ لَتَفْعَلُنَّ مَا آمُرُكُمْ، قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقاً - وَرَبِّي - قَالَ: أَمَّا أَنَا إِذَا مُتُّ فَخُذُونِي فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ حُمَماً فَدُقُّونِي، ثُمَّ اذْرُونِي (٢) فِي الرِّيحِ، قَالَ: فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ - وَرَبِّ مُحَمَّدٍ - حِينَ مَاتَ، فَجِيءَ بِهِ أَحْسَنَ مَا كَانَ قَطُّ، فَعُرِضَ عَلَى رَبِّهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى النَّارِ؟، قَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، قَالَ: إِنِّي أَسْمَعُكَ لَرَاهِباً (٣)، قَالَ: فَتِيبَ عَلَيْهِ» (٤).

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَبْتَئِرُ: يَدَّخِرُ.

رجال السند:

النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، هو القشيري صدوق، تقدم، وأَبِوه، هو حكيم بن معاوية بن حيدة ثقة تقدم، وجَدُّهُ، معاوية بن حيدة، -رضي الله عنه-.

الشرح:

هذا أسرف في المعاصي، وخشي من الله -عز وجل- أن يعامله بأسوأ ما عمل، فظن أن حرقه، وذره في الهواء ينجيه من الله -عز وجل-، وهذا أيضا من أكبر المعاصي إذ شك في قدرة الله -عز وجل- على جمعه وبعثه، وكان خلقه من العد أعظم من جمع ذراته المنثورة في الهواء، فلما بعثه ربه -جل جلاله- وسأله عما فعل، فلم يجب بأكثر من خشيته لربه، فأنجاه الله بهذا من عذاب أليم لقاء ما صنع واعتقد، وقد أمر الله -جل جلاله- الذين أسرفوا على أنفسهم من هذه ألا يقنطوا من رحمة الله؛ لأن الله -عز وجل- يغفر الذنوب جميعا، اللهم إني أسألك رحمتك التي وسعت كل شيء، وأن تغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أنت أعلم به مني، إنك على كل شيء قدير.


(١) في بعض النسخ الخطية " خيره ".
(٢) أنثروني في مهب الريح.
(٣) أي: خائفا.
(٤) سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (٢٠٠٤٤) وأصله من حديث أبي هريرة عند مسلم حديث (٢٧٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>