فيه إشارة إلى أن بعضهم سيدرك هذا الخلاف قبل موته، وهذا ما حدث فعلا، فأول الخلاف كان في عهد عثمان -رضي الله عنه-، وأخذ في الاتساع ولاسيما في عهد علي -رضي الله عنه-، وتنامت الفرق الضالة بعد ذلك، وهي في ازدياد إلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة وهذا من بعض معجزات نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا أخبر أصحابه -رضي الله عنهم- بما يكون بعده من الاختلاف، وغلبة المنكر، ولم يذكر ذلك على التفصيل مع علمه به ولو شاء لسمى الأعيان، وإنما حذر منه على العموم، وقد بين ذلك لبعض الصحابة -رضي الله عنهم- كأبي هريرة -رضي الله عنه- «حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم»(١)، وقد اختص حذيفة -رضي الله عنه- فذكر له بعض المنافقين. قوله:«فعليكم بسنتي».
المراد تمسكوا بها، وهي طريقته بينة الأحكام في الحلال والحرام، والتوحيد وما يجب التمسك به في الطريق إلى الجنة من الأقوال والأفعال.
قوله:«وسنة الخلفاء الراشدين المهديين».
المراد بالراشد من عرف الحق والتزمه، والخلفاء الراشدون هم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-، وصفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرشد، وبالاهتداء؛ استمعوا الحق فعرفوه والتزموه، وهم مبشرون بالجنة.
قوله:«عضوا عليها بالنواجذ».
النواجذ: هي الأنياب، وليست الثنايا، وهذا مبالغة في شدة التمسك بسنته -صلى الله عليه وسلم-، وسنة الخلفاء الراشدين، لأن في ذلك جماع الخير والفلاح.