للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا القول تعجب من أن يكون الأمر في دية الأصابع سواء، مع اختلافها في الجمال والمنافع، ولا عجب وقد حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو المشرع والآمر الناهي، وعلى الأمة السمع والطاعة.

وإن كان منكرا للحكم فالأمر جدا خطير، ولم يحمل شريح القاضي رحمه على هذا، ولذلك لم يعنفه، وحمله على التعجب لا الإنكار، بل على القياس؛ لأن ذلك تقتضي العقل والقياس، كما اجتهد عمر -رضي الله عنه-.

قوله: «فَقَالَ شُرَيْحٌ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَسَوَاءٌ أُذُنُكَ وَيَدُكَ؟! فَإِنَّ الأُذُنَ يُوَارِيهَا الشَّعْرُ وَالْكُمَّةُ وَالْعِمَامَةُ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ».

بين القاضي شريح رحمه الله للسائل أن الأمر لا ينظر فيه إلا العقل والاختيار، إذا ما الشريعة قضت فيه بشيء، وضرب له أمثلا بالأذن واليد، ومساواتهما في الدية مع اختلاف المنافع، ففي كل منهما نصف الدية، من أن الأذن لا يظهر جمالها كاليد، فهي تغطى بالشعر، والقلنسوة: المسماة الطاقية، اليوم.

قوله: «وَيْحَكَ إِنَّ السُّنَّةَ سَبَقَتْ قِيَاسَكُمْ، فَاتَّبِعْ وَلَا تَبْتَدِعْ».

أنكر عليه القياس، وترك ماعليه الناس من الاتباع، وعدم الابتداع، عملا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ» (١).

قول: «فَإِنَّكَ لَنْ تَضِلَّ مَا أَخَذْتَ بِالأَثَرِ».


(١) الترمذي حديث (٢٦٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>