للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُفْشِى اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ لَا يُصْبِحُ إِلاَّ فَقِيراً وَلَا يُمْسِي إِلاَّ فَقِيراً" (١).

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، هو أبو عبد الرحمن القرشي، ثقة روى له الستة، وعُبَيْدُاللَّهِ ابْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي، إمام ثقة تقدم، وزَيْدُ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، هو أبو أسامة الرهاوي، كان عالما فقيها، إماما ثقة روى له الستة، وسَيَّارُ، هو أبو الحكم العنزي، إمام ثقة روى له الستة، والْحَسَنُ، هو البصري من كبار التابعين إمام ثقة تقدم.

الشرح:

كأن الحسن رحمه الله أراد شرح قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «منهومان لا يشبعان طالبهما: طالب علم، وطالب الدنيا» (٢)، فقال رحمه الله: " مَنْهُومٌ في الْعِلْمِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ، وَمَنْهُومٌ فِي الدُّنْيَا لَا يَشْبَعُ مِنْهَا، فَمَنْ تَكُنِ الآخِرَةُ هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ (٣) يَكْفِي اللَّهُ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَمَنْ تَكُنِ الدُّنْيَا هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ، يُفْشِي اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ لَا يُصْبِحُ إِلاَّ فَقِيراً وَلَا يُمْسِي إِلاَّ فَقِيراً "

والمنهوم هو الأكولة الذي يملأ بطنه من الطعام ولا تزال هيئته نطلب المزيد، فهو لا يشبع من الطلب، فمنهوم العلم محمود لحرصه والزيادة فيه تنفع ولا تضر؛ لأن همه الآخرة، وندمه على التفريط كبير، ونتيجة هذا أن الله -عز وجل- يكفيه كسبه ويجعل غناه في قلبه، ومنهوم الدنيا لا يشبع منها والزيادة منه قد تضر ولا تنفع؛ لأنه مسئول عن مكاسبه، عن مداخلها ومخارجها، ونتيجة ذلك أن الله -عز وجل- يوسع عليه كسبه ويجعله دائما لا يرى إلا أنه فقير يطلب المزيد، كثير الولع والهلع بالدنيا، ويؤيد هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» (٤).


(١) رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (٢٣٣/ ٣٣٦).
(٢) الطبراني في الكبير حديث (١٠٣٨٨).
(٣) في حاشية (ت، ك) السدم: هو الندم، بفتح الدال: وهو خطأ، قال ابن الأثير: السدم: اللهج والولوع بالشيء (النهاية ٢/ ٣٥٥) والبث هنا: أشد الحزن والمرض الشديد (النهاية ١/ ٩٥).
(٤) البخاري حديث (٦٤٣٦) ومسلم حديث (١٠٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>