للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرارا (١)؛ لأن ذلك قد يصيب الممدوح بالغرور، ولاسيما إذا يسمع كلام المادح، أما إذا كان في غيبته فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه» (٢)، وقد رأينا في هذا العصر من أكثر المدح في المجالس مع سماع الممدوح وتبادل العبارات بغلو يوحي بالكذب من الطرفين والله المستعان.

قوله: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِصَفِيحَةٍ أَمِنْ ذَهَبٍ أَوَ وَرِقٍ؟، فَقَالَ: إِذاً لَمْ أُهَيِّجْهَا وَلَمْ أَقْرَبْهَا.

هذا ينبئ عن الزهد وعدم الاهتمام بالدنيا وشهواتها، ومعلوم أن الشهوات زينت لبني آدم قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} الآية (٣)، فمن وجد هذا ولم يلتفت إليه فقد بلغ الكمال البشري في العلم والعبادة والزهد في الدنيا، ومع هذا التزيين فقد حقر الله -عز وجل- الدنيا بأسرها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء» (٤).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٤٠٢ - (٢٩) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ السَّكَنِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: " سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِالْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِي الْحِكْمَةِ كُلُّهُ، وَتُشَرِّفُ الصَّغِيرَ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْعَبْدَ عَلَى الْحُرِّ، وَتُزِيدُ السَّيِّدَ سُؤْدُداً، وَتُجْلِسُ الْفَقِيرَ مَجَالِسَ

الْمُلُوكِ" (٥).


(١) البخاري حديث (٢٦٦٢) ومسلم حديث (٣٠٠٠).
(٢) البخاري حديث (٢٦٦٢) ومسلم حديث (٣٠٠٠).
(٣) من الآية (١٤) من سورة آل عمران.
(٤) الترمذي حديث (٢٣٢٠).
(٥) فيه السكن بن عميرة: إن كان (ابن أبي كريمة) فقد سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل ٤٢٨٨) وإلا فهو مجهول، وانظر ما روى وهب في العقل، رقم (٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>