للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

هذا نهج العلماء في المساواة بين الناس من طلب العلم، أعطي حقه من غير تمييز، وكذلك في معاملة الناس على مبدأ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (١)، ولاسيما في الحقوق والواجبات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٤١٧ _ (٢) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: " كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَةَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ أَحَداً " (٢).

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، وسُفْيَانُ، إمامان تقتان تقدما آنفا والزُّهْرِيُّ، هو محمد ابن مسلم إمام ثقة تقدم.

الشرح:

كانوا لا يرون كتابة الحديث اعتمادا على الحفظ، ولعدم الزيادة والنقصان، كما كان الحال في القرآن، إذ كتبت بعض التفسيرات تعليقا، وتم الاجتماع على مصحف عثمان -رضي الله عنه-، والمراد بالسلطان الوالي، أو الأمير يؤيد هذا قول الزهري نفسه: " كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا ألا نمنعه أحدا من المسلمين" (٣)، يبين هذا أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يملي على بعض ولده شيئاً من الحديث، فدعا بكاتب وأملى عليه أربع مائة حديث، فخرج الزهري من عند هشام، فقال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مائة (حديث)، ثم لقي هشاماً بعد شهر أو نحوه، فقال للزهري: إن ذلك الكتاب قد ضاع. قال: لا عليك. فدعا بكاتبٍ فأملاها عليه، ثم قابل بالكتاب الأول فما غادر حرفاً واحداً.

وكان هذا امتحان للزُّهري من هشام، ولا غرابة فهذا من قوم اختارهم الله -عز وجل- لحفظ السنة بعد الصحابة -رضي الله عنهم-.


(١) من الآية (١٣) من سورة الحجرات.
(٢) رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (٣٠٤/ ٤١٢).
(٣) جامع معمر رقم (٢٠٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>